إعداد منهجية دراسة سليمة

إعداد منهجية دراسة سليمة

إعداد منهجية دراسة سليمة

إعداد منهجية دراسة سليمة ، هو أمر أساسي وضروري يبحث عنه أي باحث علمي أو طالب دراسات عليا،

وذلك بهدف الوصول إلى دراسة علمية بحثية متكاملة تحقق النجاح والهدف المطلوب منها.

إن المنهجية العلمية السليمة من الأمور الاساسية التي لا بدّ منها للوصول إلى بحث علمي ناجح، فهي التي تنظم وترتب الدراسة البحثية،

وهي التي تجعل الكتابة البحثية مختلفة عن كتابة الموضوعات الإنشائية، أو المقالات الإنشائية وغيرها من الكتابات الغير أكاديمية.

حيث يعمل الباحث العلمي من خلال اتباعه منهجية معينة للبحث العلمي على أن يضع الخطوط العريضة للدراسة العلمية،

بحيث يحدد من خلالها خطوات البحث ومراحله الرئيسية.

وفي حال فشل الباحث العلمي في الاختيار السليم للمنهجية البحثية، أو لم ينجح في تطبيقها بالشكل الصحيح،

فإن البحث او الدراسة العلمية لا يمكن أن تصل إلى النتائج المنتظرة والصحيحة.

فذلك سيؤدي إلى ظهور العشوائية في البحث العلمي، و ستدخل الأهواء والرغبات والميول الشخصية أو المجتمعية على الدراسة،

وهي أمور ستؤدي دون أدنى شك إلى عدم الوصول إلى نتائج منطقية سليمة، أو الوصول إلى نتائج ليست دقيقة مطلقاً.

وهنا نشير إلى أن اتباع المنهجية العلمية ليست من الأمور المستحدثة، ولكنها لم تكن بالشكل الحالي المتطور،

فهي كانت موجودة منذ القدم، إلا أنها كانت بسيطة جداً، وكان الهدف منها الوصول إلى الحلول والاكتشافات الخاصة بالأمور المرتبطة بشكل وثيق بحياة الإنسان البدائي.

لقد تطورت المنهجية العلمية شيئاً فشيئاً مع تطور العلم والبحوث العلمية التي طورت الحياة الإنسانية بمرور الزمن،

ومع الوصول إلى العصر الحديث بدأت خطوات التطور تتسارع بشكل كبير جداً، وهو ما انعكس على تطور المنهجيات العلمية المستخدمة.

وفي عالمنا الحالي نجد أن العلماء وكبار المتخصصين العالميين بالتعاون مع الجامعات والمؤسسات العلمية والبحثية العالمية المختلفة،

حددت منهجية محددة للدراسات العلمية، يمكن من خلال اتباعها توفير الكثير من الوقت والجهد على الباحثين العلميين.

كما أنها تساهم  في وصولهم إلى دراسات علمية سليمة تحقق الهدف المطلوب منها،

سواء بالوصول إلى الشهادات الأكاديمية، أو النشر العلمي، أو تحقيق التطور العلمي، وإيجاد الحلول المبتكرة لمختلف الظواهر والإشكاليات.

مفهوم منهجية دراسة سليمة

يقصد بمنهجية الدراسة في البحوث العلمية مختلف الإجراءات البحثية والخطوط العريضة التي يحددها الباحث العلمي،

لتكون المسار الذي يسير به في مشواره البحثي،

حيث يمكن من خلال إعداد منهجية دراسة سليمة يمكن الوصول إلى استنتاجات وحلول منطقية سليمة.

ولكن هذا الأمر لا يقصد به أن نصل إلى دراسات متشابهة فيما بينها بمضمون الدراسة،

حيث يكون التشابه بأساليب التنظيم والترتيب،

و بالإجراءات والعناصر التي يجب الحفاظ عليها كما سيظهر معنا في بعض فقرات هذا المقال.

وبناءً على ما ذكرناه يمكننا أن نعرّف منهجية الدراسة البحثية بعدد من الخطوات والإجراءات التي يقوم الباحث العلمي

باعتمادها في دراسته للظاهرة أو الإشكالية البحثية، وتحقيقاً للوصول إلى استنتاجات وحلول منطقية دقيقة مثبتة بالأدلة والبراهين.

وبالنظر إلى أهمية إعداد منهجية دراسة سليمة،

فسنعمل من خلال هذا المقال أن نقوم بالاطلاع على أهم المعلومات حول إعداد المنهجية العلمية.

 

ما هو المحدد لاختيار منهجية البحث العلمي؟

إن اختيار الباحث العلمي للمنهجية العلمية السليمة تتوقف على تخصص البحث العلمي،

وعلى الموضوع أو الإشكالية البحثية التي اختارها الباحث العلمي،

والتي يجب أن يتم اختيارها بشكل سليم بحيث تحمل الإشكالية البحثية جميع مواصفات الموضوع العلمي الأصيل والمهم القابل للدراسة البحثية.

وفي حال أحسن الباحث العلمي اختيار وإعداد منهجية دراسة سليمة فإنه سيقطع شوطاً كبيراً في نجاح الدراسة العلمية،

وفي تخطي العديد من العقبات والصعوبات التي تواجه البحث العلمي.

 

إعداد منهجية دراسة سليمة

إن إعداد منهجية دراسة سليمة يعتمد على قيام الباحث العلمي بمجموعة من الإجراءات والخطوات المتعددة والمنتظمة،

والتي تعتمد على إشكالية وموضوع البحث العلمي، ووفق ما قام الباحث بتعيينه واختياره.

وكما ذكرنا فإن موضوع البحث العلمي الذي يحمل جميع المواصفات البحثية الخاصة بمشكلة الدراسة القابلة للقياس والحل،

هو المؤثر باختيار المنهجية التي تؤثر بكيفية جمع المعلومات والبيانات البحثية.

وهل سيتم جمعها بشكل غير مباشر عبر المصادر والمراجع والدراسات السابقة المختلفة،

أو بشكل مباشر عبر عينة الدراسة المعبرة عن مجتمع البحث،

ومن خلال الأداة الدراسية المناسبة.

وبناءً على ذلك نجد أن مختلف الخطوات والإجراءات ترتبط بموضوع أو إشكالية البحث العلمي،

والتي يمكن من خلال التطبيق السليم لها النجاح في الدراسة أو البحث العلمي.

وبالتالي يمكن وصول البحث العلمي إلى الاستنتاجات والحلول الصحيحة والمنطقية المثبتة بالأدلة والبراهين،

وبالتالي تتحقق أهداف البحث المختلفة، ومنها على سبيل المثال حصول طالب الدراسات العليا على الدرجة العلمية العالية التي يبحث عنها.

إعداد منهجية دراسة سليمة
إعداد منهجية دراسة سليمة

ما هي الخطوات التي يمكن من خلالها معرفة كيفية إعداد منهجية دراسة سليمة؟

  • عنوان الدراسة العلمية:

ترتبط الخطوة الأولى بالمنهجية العلمية بالاختيار السليم للعنوان الملائم لمشكلة أو ظاهرة البحث العلمي،

حيث يعتبر عنوان أي دراسة بحثية واجهة الدراسة والعنصر الأول الذي ستقع عليه أنظار أي قارئ أو مهتم بالبحث العلمي.

وبالتالي من المهم للغاية أن يكون الاهتمام بالعنوان البحثي كبيراً، بأن يعبّر العنوان عن مشكلة أو ظاهرة البحث بشكل شامل،

وأن يظهر المتغيرات الرئيسية للدراسة.

وهذا الأمر يحتاج اختيار العنوان المتوسط الطول الذي لا تقل عدد كلماته عن خمس كلمات لكي يكون العنوان كافياً للتعبير عن موضوع البحث،

ولا تزيد عن 15 كلمة، لكي لا يشعر القارئ بالملل والنفور من العنوان.

ومن ميزات العنوان الجيد كتابته من خلال كلمات مفهومة وبسيطة وقوية وسهلة الحفظ، والابتعاد عن الكلمات الغامضة و القابلة للتأويل،

وأن يكون العنوان جاذب للقارئ ويلفت انتباهه.

  • مقدمة الدراسة العلمية:

من العناصر الأساسية التي يجب على الباحث العلمي أن يعتمدها عند إعداد منهجية دراسة سليمة،

هي كتابة المقدمة العلمية التي تعتبر الجزء التسويقي للدراسة العلمية،

وذلك لأنها من خلال كلماتها الموجزة وحجمها المختصر تشكّل عرض لكامل البحث العلمي.

حيث يحاول الباحث إظهار أهمية دراسته فيعرض بإيجاز ماهية الموضوع البحثي، وسبب اختياره هذا الموضوع تحديداً،

وأهميته والفائدة المنتظر تحقيقها منه، مع الإشارة إلى المباحث والعناوين الرئيسية التي ستتناولها الدراسة.

ومن ضمن العناصر الأساسية في المقدمة يعرض الباحث العلمي الأهداف الرئيسية للبحث، والمنهج أو المناهج العلمية المعتمدة وسبب اختيارها تحديداً،

ودورها في الوصول إلى استنتاجات منطقية للبحث العلمي.

بالإضافة إلى توضيح مختصر لحدود البحث الموضوعية و البشرية والمكانية والزمانية،

وبحال اعتمد الباحث العلمي في دراسته على دراسات سابقة محددة،

فمن المفيد الإشارة إليها من خلال مقدمة دراسته البحثية.

إلى جانب الإيجاز والاختصار، فإن المقدمة يجب أن تتميز بكلماتها المفهومة والسهلة والبسيطة،

وأن يتجنب الباحث العلمي فيها قدر الإمكان استخدام الاقتباسات أو المصطلحات العلمية.

كما أنها لكي تجذب القارئ وتظهر إمكانيات الباحث العلمي، يجب أن تتميز بعباراتها المترابطة والسلسة، وبجمل إنشائية قوية.

  • أهداف الدراسة العلمية:

إن إعداد منهجية دراسة سليمة لا يمكن أن تستقيم إلا في حال أحسن الباحث العلمي صياغة أهدافه البحثية، سواء الاهداف الرئيسية أو الفرعية منها.

وهذه الاهداف لا بدّ من أن تكون قابلة للدراسة والتحقيق،

وأن تتم صياغتها بالشكل السليم، وأن يتناسب عددها مع حجم البحث العلمي.

ولكي تنجح الدراسة العلمية لاحقاً يجب أن تساهم المنهجية العلمية في وصول نتائج البحث إلى ما يحقق جميع أهداف الدراسة،

وبحال عدم الوصول إلى أحد هذه الأهداف يفترض تبيان سبب عدم وصول البحث إلى ذلك الهدف.

  • صياغة الفرضيات أو أسئلة الدراسة العلمية:

في أي دراسة بحثية ووفقاً إلى موضوعها والتخصص العلمي الذي تنتمي إليه،

وبناءً على المنهجية المعتمدة، يتم صياغة أسئلة البحث الاستفهامية،

أو فرضياته التي تظهر العلاقة بين متغيرات البحث،

ومن خلالها يضع الباحث العلمي توقعاته لما ستصل إليه الدراسة البحثية من نتائج،

وهو ما يجب تأكيده أو نفيه من خلال نتائج البحث بالأدلة والبراهين،  

تبقى الدراسات النظرية معتمدة بشكل أكبر على الأسئلة البحثية،

في حين أن الدراسات العلمية التطبيقية كالكيمياء أو الفيزياء على سبيل المثال تعتمد غالباً على فرضيات البحث في دراساتها المتخصصة.

وفي جميع الأحوال فإن الباحث العلمي يجب أن يحرص على صياغة أسئلة أو فرضيات البحث بشكل سليم ومفهوم وواضح.

مع ضرورة أن تغطي هذه الأسئلة او الفرضيات جميع محاور الدراسة،

وأن يتم ترتيبها بشكل يتناسب مع تنظيم محاور الدراسة وتطويرها بالشكل الذي يتم فيه الوصول إلى نتائج البحث بشكل طبيعي منطقي وموضوعي.

  • كتابة المباحث والفصول الدراسية:

إن إعداد منهجية دراسة سليمة تهتم بشكل رئيسي بإعداد وكتابة مختلف الفصول والمباحث الدراسية، ومن خلالها وعبر المنهج العلمي المعتمد،

تعرض البيانات والمعلومات التي تمّ جمعها بناءً على المنهجية التي اعتمدها الباحث العلمي،

ثمّ تتم دراستها وتحليلها مما يساعد على الوصول المنطقي للاستنتاجات والحلول المنطقية.

يبقى هذا القسم هو الأكبر والأهم في البحث العلمي، وعبره يقوم الباحث العلمي بتقسيم البحث إلى الفصول والمباحث والأبواب،

التي يجب أن تكون مترابطة ومتسلسلة، ويتم من خلالها تطوير الدراسة بما يسمح الوصول إلى النتائج البحثية.

حيث نجد أن الدراسة تبدأ بالعموميات ثمّ تتدرج شيئاً فشيئاً لتصل إلى الأمور المتخصصة فالأكثر تخصصاً،

حتى تكون استنتاجات البحث نتيجة طبيعية لما عرض وتمت دراسته في المتن.

تبقى هذه المرحلة الأكبر والأهم في منهجية البحث العلمي، وهي التي تحتاج للوقت الاطول والجهد الأكبر في البحث.

وكل هذا يستوجب من الباحث العلمي أن يتحلى بالحيادية والمنطقية والانضباط الفكري،

وأن يلتزم بالأمانة العلمية والتنظيم، ويتجنب أي شكل من أشكال العشوائية،

أو السرقة الادبية، أو الانتحال، أو التوجه نحو الميول والأهواء الشخصية.

  • صياغة نتائج الدراسة العلمية:

وهو العنصر الذي يشكل خلاصة الدراسة،

والدليل الأهم على نجاحها أو فشلها، مما يستوجب الاهتمام به بشكل كبير عند إعداد منهجية دراسة سليمة.

يعرض الباحث العلمي بشكل واضح ومفهوم، وبلغة مختصرة وقوية ما وصل إليه البحث العلمي من استنتاجات وحلول مرتبطة بالظاهرة العلمية،

على أن تجيب هذه النتائج على جميع أسئلة البحث، أو أن تؤكد او تنفي بالدليل والبرهان مختلف فرضيات البحث العلمي.

ومن الأمور الأساسية في نتائج البحث العلمي، أن تحقق جميع أهدافه الرئيسية أو الفرعية،

وأن تكون مرتبطة بشكل وثيق بما تمت دراسته في فصول ومباحث الدراسة، وأن تأتي كنتيجة طبيعية لما ورد في البحث.

  • التوصيات والخاتمة في الدراسة العلمية:

على الرغم من أن التوصيات ليست من العناصر الرئيسية في الدراسات البحثية،

إلا أنها من العناصر التي تدل على مهارة الباحث العلمي وتمكنه من موضوع دراسته مما يجعل معظم الباحثين العلميين يقومون بصياغة توصياتهم في دراساتهم البحثية.

وعادةً ما يتم وضع التوصيات البحثية في قسم مستقل، او يتم ضمها إلى خاتمة البحث العلمي،

ومن خلال التوصيات يضع الباحث العلمي رؤيته ونصائحه للباحثين الآخرين.

والتي قد تكون بأن يتم إكمال الدراسة من النقطة التي وصل إليها البحث الحالي، أو إلقاء الضوء على نقطة أو موضوع ورد في البحث،

ويمكن التوسع فيه ليكون مشكلة بحثية مستقلة، تحمل كل مواصفات المشكلة الأصيلة القابلة للدراسة والحل.

أما بالنسبة إلى خاتمة البحث المختصرة، فهي من أساسيات إعداد منهجية دراسة سليمة،

ومن خلالها يعرض الباحث العلمي لأهمية النتائج التي تمّ التوصل إليها، وللعقبات والمشكلات التي اعترضت طريقه البحثي، وكيف واجهها وتخطاها.

  • التوثيق العلمي لمصادر ومراجع الدراسة البحثية:

إن الأمانة العلمية من أهم شروط أي عمل أكاديمي، وهو ما يستوجب من الباحث العلمي أن يقوم بتوثيق جميع مصادر ومراجع دراسته،

فهو بذلك يحافظ على حقوق الباحثين العلميين الآخرين، ويتجنب الانتحال والسرقة العلمية.

كما أن التوثيق السليم يظهر مجهودات الباحث العلمي وسعيه في الاعتماد على المصادر الموثوقة التي تثري البحث وتغنيه،

ويمكن من خلال التوثيق السليم أن يعود القارئ بسهولة إلى المرجع الأساسي للتأكد من موثوقيته، أو للتوسع في ناحية ما.

ووفق إعداد منهجية دراسة سليمة فإن الباحث العلمي يجب أن يلتزم بطريقة التوثيق المحددة من قبل الجهة التي سيقدم إليها البحث العلمي.

وفي حال عدم تحديد تلك الجهة لطريقة معينة بالتوثيق،

فيفترض من الباحث العلمي أن يقوم بالتوثيق بالاعتماد على إحدى طرق التوثيق الأكاديمي المتعارف عليها عالمياً،

والتي تتناسب مع موضوع وتخصص دراسته، كأن يعتمد على سبيل المثال على الإصدار السادس من apa.

وبذلك نكون قد اطلعنا من خلال هذا المقال على مفهوم المنهجية العلمية المتبعة في الدراسات البحثية،

وكيفية تطورها من شكلها البدائي قديماً، إلى الشكل الأكاديمي المنظم الذي نعرفه في الوقت الحالي،

والذي تتفق عليه مختلف المؤسسات العلمية والبحثية والجامعات.

كما اطلعنا على أهم الأمور التي يمكن أن تحدد المنهجية المتبعة في البحث العلمي،

لنلقي بعد ذلك الضوء بشكل تفصيلي على مختلف خطوات إعداد منهجية دراسة سليمة،

سائلين الله تعالى أن يكون قد وفقنا في تقديم كل ما هو مفيد للباحثين العلميين وطلاب الدراسات العليا الاعزاء.

المصادر:

كيفية تحديد منهجية الدراسة وأدواتها، 2022، أكاديمية بي تي اس

منهجية البحث العلمي،2021،مبتعث

Share this post


تواصل معنا الآن