تصنيف البحث العلمي حسب العلاقات السببية (وصفي وتحليلي)

البحث الوصفي

تصنيف البحث العلمي حسب العلاقات السببية (وصفي وتحليلي)

البحث الوصفي ، إن الحديث عن تصنيف البحث العلمي حسب العلاقات السببية (وصفي وتحليلي) يأتي نظراً لأهمية الدراسات البحثية،

وتأثير الاختيار والتصنيف المناسب لها على الوصول الى الاستنتاجات والحلول المنطقية السليمة.

وبالتالي فإن الطلاب في مرحلة الدراسات العليا والباحثين العلميين من مختلف التخصصات العلمية،

يجب أن يكونوا على اطلاع كامل على جميع التصنيفات للبحث العلمي، وعلى التصنيفات الفرعية المستمدة من التصنيفات العامة الرئيسية.

وذلك ليتمكنوا من اختيار البحث المناسب لدراستهم العلمية، حيث يتحدد المنهج وفقاً للموضوع البحثي، بما يسمح بالوصول إلى البحث المتكامل والسليم.

وذلك على اعتبار أن المنهج العلمي هو الذي يحدد إجراءات البحث، سواء من جمع البيانات والمعلومات،

أو كيفية دراستها ومناقشتها وتحليلها، وبما لا يسمح الوصول إلى الاستنتاجات المطلوبة دون الاستخدام السليم للمنهج العلمي.

جدول المحتويات

مفهوم البحث العلمي

إن البحث العلمي هو الدراسة البحثية التي تنتمي لأحد المجالات العلمية المتنوعة،

والتي تستهدف الوصول إلى اكتشافات جديدة تساهم في تطور العلوم،

أو في الوصول الى الاكتشافات والحلول التي تساهم في تطوير المجتمعات وإيجاد الحلول لما تواجهه من مشكلات.

ومن جهة أخرى فإن البحث العلمي قد يكون الهدف منه دراسة بحث أو نظرية علمية سابقة تنتمي للمجال العلمي للبحث الحالي،

وذلك لتأكيدها أو نفيها أو تعزيزها أو سد الفجوات التي تعتريها،

بحيث يعمل البحث الحالي على تعزيز نقاط القوة ومعالجة نقاط الضعف في النظرية أو البحث السابق.

ما هو البحث التحليلي؟

يعتبر البحث التحليلي من التصنيفات الرئيسية وفق تصنيف البحث العلمي حسب العلاقات السببية (وصفي وتحليلي)،

وهو ما يلزم الباحثين العلميين وطلاب الدراسات العليا الاطلاع عليه ومعرفة جميع المعلومات المرتبطة فيه.

يعتمد البحث التحليلي على قيام الباحث العلمي بتقسيم وتجزئة المشكلة أو الظاهرة موضوع البحث العلمي،

بحيث يتم تحليلها إلى عناصرها الأولية التي تكوّنت منها.

وهذا الأمر وفي الكثير من الدراسات يسمح للباحث العلمي أن يدرس موضوع البحث بشكل أسهل،

والتعرف على اسباب ظهور أو حدوث الإشكالية أو الظاهرة البحثية.

إن البحث التحليلي لا يستخدم بشكل عام لوحده وإنما مع مناهج وأدوات أخرى،

وذلك بما يسمح بالوصول الى النتائج المثبتة والمنطقية.

وتبقى العلوم الشرعية من أكثر العلوم اعتماداً على البحوث التحليلية،

وذلك لتحليل المعلومات والبيانات التي تسمح بوصول الباحث العلمي للاستنتاجات المنطقية السليمة.

وتعتبر عمليات التفكيك والتركيب والتقويم العمليات الرئيسية الثلاث في البحث التحليلي، وهو ما سيتضح معنا في الفقرات التالية.

المجالات العلمية الأكثر اعتماداً على البحث التحليلي

هناك العديد من المجالات العلمية التي يمكن نجاح دراساتها العلمية،

وذلك في حال اعتماد الباحث العلمي على البحث التحليلي من ضمن تصنيف البحث العلمي حسب العلاقات السببية (وصفي وتحليلي).

حيث يهتم هذا النوع من الأبحاث على التجزئة للوصول الى التفاصيل ودراستها،

ليتم العمل بعد ذلك على تركيبها من جديد بالشكل الذي يسمح بوصول الدراسة الى غايتها وأهدافها بشكل علمي مدروس ومثبت بالأدلة والبراهين.

يبقى علم التفسير والحديث والفقه وغيرها من العلوم الشرعية من أكثر المجالات العلمية اعتماداً على البحث التحليلي،

كما أن بعض التخصصات مثل الفلسفة، العلوم الاجتماعية، علم النفس، الإدارة اللغة العربية،

وبعض المجالات العلمية الأخرى من التخصصات التي تعتمد بدرجة كبيرة على البحوث التحليلية.

العمليات الرئيسية في البحث التحليلي

إن اعتماد الباحث العلمي على البحث التحليلي في دراسته العلمية يلزمه في اتباع عمليات ثلاث رئيسية، وهذه العمليات هي:

  • التفسير (التفكيك):

إن العملية أو الخطوة الأولى في البحث التحليلي هي التفكيك أو التفسير،

وتكون من خلال تجزئة الإشكالية أو الظاهرة البحثية التي تتناولها الدراسة العلمية، وشرحها وتفكيكها.

فيعمل الباحث العلمي على شرح موضوع البحث العلمي ونصوصه،

ويحدد أوجه الشبه والاختلاف بين النصوص التي بين يديه، ويوضح ما فيها من مشكلات، وما تحتويه من نقاط ضعف.

يعمل الباحث العلمي على عرض الدراسة العلمية بصورة موسعة،

ويحاول استرجاع العناصر الرئيسية التي تشكّل منها الموضوع البحثي،

والتعرف على العلل والمسببات للظاهرة البحثية بما يسمح بتوضيحها بصورة متكاملة.

من ضمن تصنيف البحث العلمي حسب العلاقات السببية (وصفي وتحليلي)،

فإن العلوم الشرعية بتفرعاتها المتعددة تبقى من أكثر التخصصات العلمية التي تعتمد على البحث التحليلي في دراساتها البحثية.

وذلك يعود إلى كثرة التفسيرات في العلوم الشرعية، وهي ربما تكون من التفسيرات المركبة او البسيطة،

ومن المهم للغاية أن يكون الباحث في هذا المجال العلمي متعمقاً بمعارفه في كل من النوعين المركب أو البسيط،

حتى يتمكن من أن يختار النوع الأكثر ملاءمة لدراسته البحثية، بما يسمح له الوصول الى الاستنتاجات المنطقية المعتمدة على القرائن والادلة والبراهين.

  • علمية النقد:

يتجه الباحث العلمي في المرحلة الثانية من مراحل النقد التحليلي، إلى نقد ما اعتمد عليه من محتويات المصدر الذي استند إليه في البحث التحليلي.

وهنا قد يظن الكثيرون أن النقد هو نقد سلبي دائماً، ويكون بإظهار الفجوات ونقاط الضعف والنواحي السلبية للمصدر، وهذا الأمر غير صحيح حتماً.

فعملية النقد فعلاً تظهر هذه الامور في حال وجودها، وتعمل على تصحيح الجوانب السلبية،

ولكنها بالوقت نفسه يجب أن تظهر الجوانب الإيجابية ونقاط القوة في المصدر والعمل على تعزيزها وتوضيحها والاستفادة منها.

بعد قيام الباحث العلمي بإجراء هذه الخطوة أو العملية فإنه يعمل على وضع الآراء (السلبية أو الإيجابية)،

ويصوغ التوصيات التي تكون مرتبطة بالإشكالية أو الموضوع البحثي.

وهنا لا بدّ لنا من أن نشير إلى أن العملية النقدية تكون من خلال التقويم السليم والعلمي للمصدر،

وتوضيح نقاط الضعف وتصحيحها وسد الفجوات فيها، أو من خلال توضيح وتعزيز نقاط القوة، وذلك بالاستناد لأسس ومعايير علمية سليمة.

  • التركيب (الاستنباط، الاستنتاج):

إن أي اسم من هذه الأسماء يمكن إطلاقه على العملية الثالثة من عمليات البحث التحليلي،

ومن خلال هذا العنصر يعمل الباحث العلمي على تركيب ما توصّل إليه من نتائج ومفاهيم، ويعمل على الاستنتاج والاستنباط للأحكام الجديدة والصحيحة.

لهذه العملية نوعين أساسيين هما الاستنباط الكلي والجزئي،

ويكون الاستنباط الجزئي من خلال قيام الباحث العلمي بأخذ أحد العناصر التي وردت في النظرية أو الدراسة السابقة،

وذلك من خلال مناقشتها ودراستها والعمل على التطوير المستمر لها، مع إضافة ما يحتاج إليه البحث من بيانات ومعلومات جديدة.

أما الاستنباط الكلي فهو يعتبر أحد الاجتهادات التي تكون متكاملة في أجزائها وعناصرها،

ويكون الهدف من هذا العنصر الاستنتاج والتركيب للدراسات العلمية والنظريات الجديدة، حيث يعتبر من الاجتهادات الشمولية التي فيها نظرة علمية جديدة.

إن الاستنباط الكلي لا يمكن القيام به إلا من الباحث العلمي المبدع ذو الإمكانيات الكبيرة،

فهو لديه جوانب ابداعية ومهارية عالية للغاية، حيث يمكن أن يصل الباحث العلمي من خلاله إلى نظريات متكاملة لم يستطيع أي باحث علمي أن يصل إليها مسبقاً.

وبالتالي يختلف الاستنباط الجزئي عن الاستنباط الكلي،

بأن الاستنباط الكلي يساعد على إظهار الشخصية والقدرات والخبرات والمهارات الإبداعية التي يمتلكها الباحث العلمي.

المراحل الرئيسية في البحث التحليلي

إن المنهج العلمي التحليلي هو منهج مساعد يمكن أن يستخدم مع المناهج العلمية الأخرى،

ويساهم بفعالية في تحقيق الدراسة للاستنتاجات السليمة، والخلاصات البحثية المثبتة بالأدلة والبراهين، والمراحل الرئيسية لهذا المنهج العلمي هي:

1. يعمل المنهج التحليلي على دراسة فرضيات البحث التي تظهر توقعات الباحث لما سيصل إليه بحثه من نتائج، فيقوم الباحث من خلاله بتأكيد الفرضيات البحثية أو نفيها بالأدلة والبراهين.

وفي حال كان الباحث العلمي قد اعتمد على الأسئلة البحثية، فإن هذا المنهج يساهم في الإجابة عن أسئلة البحث العلمي.

وبناءً على ما ذكرناه نجد أن البحث التحليلي له دور أساسي في الوصول إلى الأهداف في البحث العلمي،

فهو يساهم بتنظيم وترتيب المعلومات والبيانات البحثية، بالشكل الذي يسمح بالوصول إلى الاستنتاجات التي تجيب عن أسئلة البحث، أو تؤكد الفرضيات أو تنفيها.

2. يتجه الباحث العلمي في آخر الخطوات الرئيسية لبحثه بصياغة مفهومة وواضحة للنتائج البحثية التي تحقق أهداف البحث، والتي تجيب عن الاسئلة البحثية، أو تظهر العلاقة بين المتغيرات البحثية مؤكدة للفرضيات أو نافية لها.

أهمية الاعتماد على المنهج التحليلي في البحث العلمي

  • إن البحث العلمي التحليلي يسمح للباحث العلمي أن يقوم بتجزئة الموضوع البحثي لوحدات بسيطة أصغر، وهو ما يجعل دراستها من الأمور السهلة التي تساعد على أن تكون الرؤية واضحة بشكل أكبر.

وخصوصاً أن دراسة الظاهرة أو الإشكالية بشكل كلي سيكون أكثر صعوبة من دراستها بعد تجزئتها لعناصر بسيطة وأصغر.

  • إن الباحث العلمي من خلال البحث التحليلي يعتمد على عمليات الشرح والنقد للمصادر، وهو ما يسمح بتوضيح الأمور الغامضة، مع تعزيز نقاط القوة وتصحيح نقاط الضعف، مع ضرورة أن تكون عملية التحليل موضوعية وحيادية.
  • يسمح البحث التحليلي للباحث العلمي أن يصل إلى استنتاجات وحلول بحثية سليمة ومنطقية ومثبتة، وهو ما يجب أن يتم صياغته باللغة المفهومة والواضحة.

بحيث تعرض خلاصات لما وصل إليه البحث العلمي وحقق من خلاله أهداف البحث، مع تدعيم ما وصلت إليه الدراسة بالبراهين والقرائن الوصفية أو الرقمية.

وبالتالي نجد أن المنهج التحليلي يساعد الباحث العلمي على الوصول إلى نتائج أكثر موضوعية ودقة.

هل يمكن استخدام المنهج التحليلي بمعزل عن أحد المناهج العلمية الأخرى؟

إن الباحث العلمي لا يستطيع عادة الاعتماد على المنهج التحليلي كمنهج وحيد في دراسته البحثية،

بحيث يكون استخدامه مع أحد المناهج العلمية الأخرى حيث يأتي المنهج التحليلي كمتمم ومساعد لتحقيق نتائج سليمة أكثر دقة.

وفي هذا المجال يمكن أن نطرح مثال عن دراسة تبحث في انتشار ظاهرة التسرب المدرسي من المرحلة الأساسية في أحد المجتمعات المعينة.

فهنا يكون التوجه إلى المنهج الوصفي على سبيل المثال للبحث في أسباب الظاهرة، ووصفها من جميع جوانبها،

ثمّ يستخدم الباحث العلمي المنهج التحليلي في دراسته المعمقة لما وصل إليه من جزئيات،

مستخدماً الوسائل اللازمة سواء الإحصائية أو التحليلية بما يسمح الوصول إلى النتائج الدقيقة المثبتة بالقرائن والأدلة.

وبهذا الإطار نجد أن المنهج التحليلي يمكن أن يستخدم رفقة المنهج الوصفي التحليلي، المنهج الفلسفي التحليلي،

المنهج المقارن التحليلي، والعديد من المناهج العلمية الأخرى.

ما هو البحث الوصفي؟

إن البحث الوصفي أحد التصنيفات الرئيسي التي يجب التفصيل فيها عند الحديث عن تصنيف البحث العلمي حسب العلاقات السببية (وصفي وتحليلي).

علماً أن هذا التصنيف من البحث العلمي يعتبر أحد أكثر الأبحاث المتبعة في العديد من المجالات والتخصصات العلمية،

وعند الاعتماد عليه يتجه الباحث العلمي لأن يجمع البيانات والمعلومات البحثية من خلال الوصف الدقيق لها.

وكما هو ظاهر من اسمه فإن البحث العلمي الوصفي يعمل على توضيح الموضوع او الظاهرة أو العينة التي تستهدفها الدراسة،

وذلك من خلال تحديد أسباب حدوث الظاهرة أو الإشكالية وتحديد مواصفاتها وسماتها المرتبطة بالدراسة العلمية.

وبالتالي فإن تعريف البحث الوصفي هو الطريقة او الأسلوب المعتمد من الباحث العلمي في دراسته للموضوع الذي تتناوله دراسته البحثية،

وذلك من خلال الوصف الدقيق العلمي السليم الذي يساعد على الوصول إلى نتائج دقيقة.

بعد جمع البيانات والمعلومات الوصفية من قبل الباحث العلمي من الممكن أن يتم العمل على تنظيمها ودراستها وتحليلها بهدف الوصول إلى الحلول والتفسيرات والاستنتاجات المنطقية المثبتة بالأدلة والبراهين. 

أهم إيجابيات الاعتماد على البحث الوصفي

إن الاعتماد على البحث الوصفي يقوم به الباحث العلمي عند اختياره من ضمن تصنيف البحث العلمي حسب العلاقات السببية (وصفي وتحليلي) بناءً على موضوع البحث وخصائص المنهج المعتمد ومميزاته وعيوبه، وتبقى أهم مميزات البحث الوصفي:

  1. إن المنهج الوصفي من أكثر مناهج العلمي قدرة على المساهمة في جمع البيانات والمعلومات الدقيقة في العلوم الاجتماعية والإنسانية، حيث يمكن من خلاله الوصول إلى وصف كمي مرتبط بالأرقام في بعض الدراسات العلمية، أو الوصول إلى الوصف الكيفي للسلوكيات والنتائج المرتبطة بالظاهرة أو الإشكالية البحثية.
  2. إن المنهج الوصفي من أكثر المناهج العلمي قدرة على التعامل الواقعي مع الإشكالية أو الظاهرة البحثية، حيث يقوم الباحث العلمي بالتعامل المباشر مع ظاهرة البحث بالمكان الذي تتواجد فيه.
  3. يسمح البحث الوصفي للباحث العلمي إجراء المقارنات بين طبيعة ظاهرة أو إشكالية البحث في أماكن متعددة، فعلى سبيل المثال يقوم الباحث العلمي بإجراء مقارنة بين ظاهرة انتشار ظاهرة الإدمان على الحبوب المخدرة بين منطقة وأخرى.
  4. إن البحث العلمي الوصفي أحد أنواع الدراسات البحثية التي تساعد على الحد من الميول والرغبات الشخصية للباحث العلمي، وذلك على اعتبار أنها تستند بشكل رئيسي على الوصف للعينة أو الموضوع البحثي، وهو ما يساعد على الوصول إلى نتائج واقعية أكثر دقة وموضوعية.
  5. إن البحث الوصفي يسمح للباحث العلمي العمل على صياغة الآراء والخبرات المتعددة، وأن يقوم بوضع خطط وتصورات مستقبلية تسمح للباحث أن يواجه مجموعة ظواهر بحثية ترتبط بموضوع دراسته.
  6. إن البحث الوصفي يساعد الباحث العلمي على أن يتخذ القرارات المنطقية السليمة المرتبطة بدراسته البحثية، كما أنه يساعده على تقديم إيضاحات و شروح وافية تحيط بالموضوع البحثي.

أهم عيوب الاعتماد على البحث الوصفي

  1. إن البحوث الوصفية قد تمتد في الكثير من الدراسات العلمية على مدة طويلة من الزمن، وهو ما قد يجعل العديد من الظروف التي تحيط بالظاهرة أو العينة الدراسية تؤثر عليها، مما يكون له انعكاسات سلبية على معلومات البحث، وبالتالي على نتائجه.
  2. لا يمكن أن يعتمد على المنهج الوصفي في مختلف الدراسات العلمية، فاستخدامه مع بعض التخصصات وعدد من المواضيع والإشكاليات البحثية، سيقود البحث إلى الفشل لعدم إمكانية الوصول به إلى نتائج منطقية سليمة.

وبالتالي يجب أن يدرك الباحث العلمي المواضيع والتخصصات العلمية التي تحتاج استخدام البحث الوصفي لتحقيق نتائج البحث.

3. إن التحليلات والملاحظات من العوامل الرئيسية التي تعتمد عليها معظم الدراسات البحثية للوصول إلى النتائج المستهدفة، وهذا الأمر قد يجعل ما تصل إليه النتائج بالعديد من هذه الدراسات يتأثر بالميول والرغبات والوجهة الشخصية للباحث العلمي.

كما أن النتائج تتأثر سلباً في حال عدم امتلاك الباحث العلمي للمعارف والإمكانيات والخبرات التي يحتاج إليها الموضوع البحثي، للوصول إلى دراسة منطقية سليمة مثبتة بالبراهين والأدلة.

الأدوات الدراسية المستخدمة في البحث الوصفي

هناك العديد من الأدوات التي يمكن الاعتماد عليها في الدراسات الوصفية،

ويكون اختيار الاداة المناسبة مبني على موضوع البحث العلمي والتخصص الذي ينتمي إليه، ومن أهم الأدوات الدراسية المستخدمة في البحث الوصفي نذكر:

  • الملاحظة:

إن الملاحظة تعتبر الاداة الدراسية الأكثر استخداماً في البحث الوصفي،

وذلك لما تمتلكه من ميزات تسمح لها بتقديم المعلومات والبيانات الدقيقة والصادقة عن الموضوع البحثي،

وهو ما يجعل البحث أكثر قدرة على الوصول إلى الاستنتاجات الصحيحة والمثبتة.

تكون الملاحظة من خلال قيام الباحث العلمي بمراقبة التجربة أو الظاهرة أو العينة الدراسية (التي لا يجب أن تشعر بوجود من يراقبها)،

ويعمل الباحث على التدوين المباشر للمعلومات والبيانات المرتبطة بموضوع البحث والناجمة عن ملاحظاته ومشاهداته.

وبعد جمع المعلومات من خلال الملاحظة يعمل الباحث على تنظيمها وترتيبها، ثم مناقشتها ودراستها وتحليلها بما يسمح الوصول إلى الاستنتاجات المنطقية السليمة.

ومن أهم ميزات الملاحظة صدقها ودقتها نظراً لعدم شعور المبحوثين بوجود من يراقب سلوكياتهم، فيكون تصرفهم طبيعي وصادق.

ولكنها بالوقت ذاته أكثر أداة دراسية يمكن أن تتأثر بإمكانيات الباحث العلمي وبدقة ملاحظته،

وبخبرته ومهارته، كما أن الباحث العلمي لا يستطيع استخدامها مع الظواهر التي ترتبط مع بعضها البعض وتحدث بالوقت ذاته ي أكثر من مكان،

فهو لن يستطيع مراقبتها بالوقت ذاته وفي أمكنة مختلفة.

ومن سلبيات الملاحظة الأخرى تأثرها بالظروف الخارجية سواء منها العوامل الطبيعية كالطقس على سبيل المثال، او بالظروف الشخصية للباحث العلمي.

  • المقابلة:

تعتبر المقابلات من الأدوات التي يمكن استخدامها في بعض الدراسات التي تنتمي إلى البحث الوصفي،

ومن خلال هذه الأداة يتجه الباحث العلمي إلى جمع بيانات ومعلومات بحثه العلمي من أفراد العينة الدراسية عبر إجراء المقابلات معها.

قد تكون المقابلات مع العينة البحثية فردية مع كل فرد من أفراد عينة الدراسة لوحده،

وقد تكون جماعية سواء بتقسيم العينة الدراسية لمجموعات وفق خصائص معينة وإجراء المقابلة مع كل مجموعة لوحدها،

وفي بعض الاحيان تكون المقابلة جماعية مع جميع أفراد العينة الدراسية.

كما أن المقابلة يمكن أن تكون بتواجد الباحث العلمي مع الأفراد الخاضعين للمقابلة في نفس المكان والزمان،

كما يمكن الاستفادة من الوسائل التكنولوجية المتعددة، وإجراء المقابلات عبر إحدى وسائلها كاستخدام مكالمات الفيديو على سبيل المثال.

ومع المميزات التي قدمتها الوسائل التكنولوجية بات الاعتماد على المقابلات أكبر بكثير في الدراسات البحثية،

فإمكانية إجرائها باتت سهلة جداً حتى مع التباعد الجغرافي، وتكاليفها أصبحت أقل بكثير.

مع ضرورة الإشارة إلى أن الباحث العلمي هو من يحدد مكان المقابلة وزمانها،

والنوع الذي سيعتمد فيها، كما أنه هو من يقوم بصياغة أسئلة المقابلة التي يجب ان تتدرج من العام إلى الخاص.

وقد تكون المقابلة من النوع المفتوح، وهو الذي يسمح فيه الباحث العلمي للمستجيب أن يجيب عن أسئلة المقابلة بكل حرية و بالشكل الذي يراه ملائماً،

بغض النظر عن إطالة الإجابة أو الحديث عن معلومات قد لا تفيد الباحث العلمي في موضوع دراسته.

ونظراً لطول مدتها وصعوبة جمع وترتيب معلوماتها فإن الباحثين العلميين قلما يعتمدون على المقابلات المفتوحة.

كما يمكن الاعتماد على المقابلات المقيدة التي يحدد فيها الباحث العلمي للمبحوث مع كل سؤال مجموعة أجوبة،

عليه أن يختار أحدها دون أي شرح أو إطالة، ودون السماح له باختيار إجابة من خارج الاحتمالات المحددة مسبقاً.

ويتميز هذا النوع بأنه سهل الترتيب والتنظيم والتحليل، وإن كانت معلوماته أقل دقة من معلومات المقابلات المفتوحة.

ويبقى النوع الأكثر استخداماً في المقابلات هو النوع الذي يسمح فيه الباحث للمستجيب،

أن يجيب بكامل حريته، ولكن مع إمكانية مقاطعته عندما يحصل الباحث العلمي على الإجابة التي يريد الحصول عليها،

وعندها يتم الانتقال الى السؤال التالي، او انهاء المقابلة عند انتهاء اسئلة المقابلة كافةً. 

وتبقى الميزة الأهم للمقابلة أنها تسمح للباحث العلمي أن يلاحظ ردود الفعل للمستجيب عند طرح السؤال البحثي،

وهذا الأمر من العوامل التي يمكن أن تساعد في اكتشاف مدى صدق الإجابة التي يقولها المبحوث،

وبالتالي تصبح معلومات البحث الوصفي أكثر دقة، وهو ما ينعكس على نتائج الدراسة البحثية.

  • الاستبانة (الاستقصاء، الاستبيان):

تعتبر هذه الاداة الدراسية الأكثر استخداماً في العديد من المجالات ومنها تصنيف البحث العلمي حسب العلاقات السببية (وصفي وتحليلي)،

وبالخصوص مع سهولة إجرائها، وقلة تكاليفها، وقدرتها في التعامل مع العينات الدراسية الكبيرة الحجم.

تكون الاستبانة من خلال وضع الباحث العلمي لسؤال أو عدد من الاسئلة التي ترتبط بالإشكالية أو الظاهرة البحثية،

والتي يكون ترتيبها من العام الى الخاص بالشكل الذي يتناسب مع موضوع الدراسة العلمية.

وتقدم استمارة الاستبيان الورقية بشكل مباشر إلى المبحوث،

كما يمكن أن ترسل الاستمارة عبر إحدى الوسائل التكنولوجية كالإيميل (البريد الإلكتروني) على سبيل المثال.

وبعد أن يجيب المبحوث على اسئلة الاستبيان يعيده إلى الباحث العلمي الذي يجمع المعلومات والبيانات البحثية،

وينظمها و يدرسها ويحللها بما يسمح له الوصول الى الحلول أو النتائج البحثية السليمة.

و للاستبانة العلمية العديد من الأنواع وهو ما يقوم الباحث العلمي بتحديده، واهم هذه الانواع هي:

  1. استبيان مفتوح تكون الإجابة فيه على أسئلة الاستبيان مفتوحة، تسمح للمستجيبين الإجابة بكامل حريتهم حتى وإن توسعوا بالإجابة، وكان ضمن إجابتهم أمور لا تفيد الباحث العلمي وموضوع بحثه بأي شيء.

وهذا النوع على الرغم من دقته، فإنه يحتاج إلى وقت طويل وجهد كبير في التنظيم والترتيب والتحليل للمعلومات المرتبطة بالبحث العلمي،

مما يجعل استخدامه قليل إلا مع العينات الدراسية الصغيرة الحجم.

2. استبيان مغلق ومقيد يحدد من خلاله الباحث العلمي أسئلة استمارة الاستبيان مع تحديده لكل سؤال مجموعة أجوبة لا يمكن للمستجيبين الخروج عنها، فتنحصر إجاباتهم من ضمن إحدى الاحتمالات الواردة لكل سؤال.

ولا يسمح للمستجيبين في الاستبيانات المغلقة إبداء رأيهم أو التوسع بالإجابة، وعلى الرغم من أن دقة هذا الاستبيان اقل من الاستبيان المفتوح،

إلا أنه أسهل في الترتيب والتنظيم والتحليل، ولا يحتاج لمجهودات كبيرة أو وقت طويل، مما يجعل العديد من الباحثين يعتمدون عليه.

3. استبيان مختلط (استبيان مغلق ومفتوح)، وهو النوع الذي يجمع فيه الباحث العلمي النوعين السابقين في استمارة استبيان واحدة.

فتحتوي الاستمارة على سؤال أو على مجموعة من الاسئلة التي تكون إجابة المبحوث فيها مفتوحة كما في الاستبيان الحر المفتوح،

كما انها تحتوي بالوقت نفسه على سؤال أو على مجموعة من الأسئلة التي تكون إجابة المبحوث فيها محددة كما هو الاستبيان المقيد المغلق.

خطوات إجراء البحث الوصفي

إن استخدام الباحث العلمي في دراسته البحثية البحث الوصفي من ضمن تصنيف البحث العلمي حسب العلاقات السببية (وصفي وتحليلي)،

يلزمه القيام بعدد من الخطوات الأكاديمية المنهجية المنظمة ومن ضمن أهم الخطوات البحثية يمكننا أن نذكر الخطوات التالية.

  • كما أي بحث علمي لأي تصنيف انتمى فإن الباحث العلمي ينطلق في دراسته من اختيار المشكلة البحثية، والتي يتحدد تصنيف البحث بناءً على اختيارها.

على أن تكون هذه المشكلة من المشاكل الواقعية القابلة للدراسة والحل،

والتي تحمل جميع المواصفات الأخرى للإشكالية البحثية الأصيلة المقبولة والقابلة للنجاح.

ويكون اختيار البحث الوصفي بشكل رئيسي في الظواهر الاجتماعية والإنسانية، كالتي ترتبط بظواهر الزواج،

أو التسرب المدرسي، أو الإدمان أو الكثير الكثير من الأمثلة الأخرى.

  • على الباحث العلمي أن يقوم بصياغة الأهداف الرئيسية أو الثانوية في دراسته البحثية، وذلك بصورة مفهومة وواضحة، مع ضرورة اختيار الأهداف القابلة للدراسة والتحقيق، والتي يمكن للباحث العلمي أن يصل إليها في دراسته العلمية.
  • في الخطوة الأساسية اللاحقة وبناءً على موضوع البحث العلمي وتخصصه، يقوم الباحث العلمي بصياغة أسئلة استفهامية تجيب عنها نتائج البحث، أو فرضيات علمية تظهر توقع الباحث للنتائج التي سيصل إليها البحث، على أن تقوم النتائج بتأكيد النتائج أو نفيها بالأدلة والبراهين والقرائن.
  • يتجه الباحث العلمي إلى تحديد ظاهرة البحث العلمي أو مجتمع البحث والعينة الدراسية التي تمثلها، والعمل على ملاحظتها ووصفها بجميع جوانبها لجمع البيانات والمعلومات البحثية السليمة، وذلك من خلال اختيار أداة دراسية سليمة.

مع ضرورة أن تكون المعلومات والبيانات البحثية معلومات سليمة  ودقيقة، بحيث تسمح بالوصول إلى نتائج منطقية سليمة،

في حال تنظيم المعلومات والبيانات ودراستها وتحليلها بالشكل السليم.

  • على الباحث العلمي أن يتجه كما ذكرنا إلى تنظيم وترتيب معلومات وبيانات بحثه بالشكل الذي يساهم بتحقيق أهداف البحث، ثمّ يتجه إلى دراستها ومناقشتها بصورة سليمة تسمح بالوصول إلى استنتاجات منطقية سليمة.
  • يصل الباحث العلمي إلى الحلول والنتائج العلمية التي يفترض أن يعرضها بشكل مختصر منطقي سليم، مع عرض القرائن والإثباتات التي تؤكد نتائج البحث العلمي.

وهنا نشير إلى أن نتائج البحث يجب أن تحقق كافة الأهداف الدراسية التي وضعها الباحث العلمي،

سواء الرئيسية أو الفرعية منها، مع ضرورة الإجابة على جميع أسئلة البحث العلمي،

وأن تؤكد أو تنفي فرضيات البحث بالأدلة والبراهين.

مع ضرورة أن تكون النتائج مرتبطة بشكل جوهري بما تمّ دراسته في متن البحث،

وأنها تأتي بسياق منطقي لما جرى مناقشته بالإطار النظري للبحث.

  • يتجه الباحث العلمي إلى عرض توصياته المرتبطة بموضوع البحث العلمي، والتي تقدم للباحثين الآخرين، كأن تكون التوصية بمتابعة الدراسة البحثية من النقطة التي وصل إليها هذا البحث، أو التوسع بدراسة نقطة واردة في بحثه لتكون مشكلة بحث جديد.

قد تكون التوصيات بفصل مستقل، كما أنها قد تكون مع الخاتمة المختصرة المكتوبة بشكل سليم،

والتي توضح أهمية النتائج التي تمّ الوصول إليها،

وما هي العقبات التي اعترضت طريق الباحث الدراسي والكيفية التي اعتمدها لتخطيها وتحقيق أهداف البحث بشكل كامل.

تصنيف البحث العلمي حسب العلاقات السببية (وصفي وتحليلي)

إن البحث الوصفي والبحث التحليلي وكما لاحظنا في المعلومات التي عرضناها بشكل موسع،

يدخلان بشكل رئيسي في تصنيف البحث العلمي حسب العلاقات السببية (وصفي وتحليلي).

وبذلك نكون قد اطلعنا على مفهوم البحث العلمي، وما هو البحث التحليلي،

والمجالات الأكثر اعتماداً على هذا المنهج العلمي، وعرضنا عمليات البحث التحليلي الرئيسية الثلاث.

كما عرضنا ما هي المراحل الرئيسية في البحث التحليلي، وأهمية الاعتماد على هذا المنهج العلمي،

وشرحنا إمكانية استخدام المنهج التحليلي بمعزل عن أحد المناهج العلمية الاخرى.

وانتقلنا للحديث على ماهية البحث الوصفي وتعرفنا على أهم ايجابيات وعيوب هذا البحث، وما هي الأدوات الدراسية المستخدمة فيه،

مع عرض خطوات إجراء البحث الوصفي.

لنكون قد ألقينا الضوء بشكل مفصل على تصنيف البحث العلمي حسب العلاقات السببية (وصفي وتحليلي)،

سائلين الله تعالى أن نكون قد وفقنا في عرض كل ما هو مفيد لطلاب الدراسات العليا والباحثين العلميين الأعزاء.

المصادر:

المنهج التحليلي في البحث العلمي، 2021، مبتعث

Share this post


تواصل معنا الآن