المنهج العلمي وتطوره
المنهج العلمي وتطوره
يعتبر المنهج العلمي من أهم الوسائل التي اتبعها الباحثين والعلماء لإيجاد الحلول لكثير من مشاكل المجتمع عن طريق البحث والتقصي والعودة للكثير من المصادر والمراجع الموثوقة واستخدام الكثير من أدوات البحث كالتجارب والتقارير والملاحظات وغيرها، فالهدف الأساسي من مناهج البحث العلمي تطوير العلم والمعرفة بالشكل المنظم ونشره في المجتمعات، ولقد تعددت مناهج البحث العلمي وذلك يعود لمشكلة البحث المدروسة، إلا إنها جميعها تتبع نفس الخطوات وتطورت على نفس المنحنى، في هذه المقالة سنتحدث عن تعريف المنهج العلمي وتطوره:
جدول المحتويات
تعريف المنهج العلمي :
يعرف المنهج العلمي على أنه : أسلوب علمي منظم يتبعه الباحثون لجمع المعلومات والبيانات التي تخص موضوع علمي معين، ووضع الفرضيات وكل التساؤلات ومن ثم إيجاد كافة الحلول التي تخص هذا الموضوع، وذلك في النهاية بهدف الوصول إلى مجتمع حضاري يعيش فيه الإنسان.
ويعرف أيضا المنهج العلمي على أنه : مجموعة من الطرق التي تعتمد بشكل أساسي على الملاحظة والقياس في اكتشاف الظواهر والمشاكل العلمية للبحث، ويتطلب المنهج العلمي أدوات بحثية خاصة لوضع النظريات وإثباتها بالأدلة والبراهين، وذلك يعود للظاهرة المدروسة فمثلا : الباحثون في العلوم الإنسانية كالتاريخ و الآداب وعلم النفس يعتمدون في أبحاثهم على الاستنتاجات النظرية المنطقية، فيما الباحثون في الرياضيات يعتمدون في اثبات نظرياتهم على الأرقام والحسابات وهكذا، لنصل في النهاية إلى نتائج تهم الفرد والمجتمع ككل.
المنهج العلمي وتطوره
مراحل تطور المنهج العلمي :
يعتبر المنهج العلمي من أهم دعائم العلم وتطوره، فكانت البشرية منذ نشأتها تسعى لفهم جميع الظواهر المحاطة بها وتحليلها وتفسيرها للوصول إلى الحقائق بدقة، وانتشرت الأبحاث العلمية في جميع الميادين الاجتماعية والهندسية والطبية وغيرها، ومن هنا أخذ المنهج العلمي في البحث بالتطور تدريجيا حتى وصل إلى ما هو عليه الأن.
مراحل تطور المنهج العلمي عبر الزمن :
1- تاريخ البحث في العصور القديمة :
لقد أثبت العلماء قديما دورهم في المجالات العلمية المتعددة كالفلك والحساب والفيزياء وغيرها برغم من قلة الإمكانيات، حيث استطاع كل شعب من الشعوب القديمة إيجاد طريقة لحفظ معارفهم للتناقل عبر الزمن، المصريون دونوا أفكارهم على ورق البردي، بينما استخدم اليونانيون التأمل للتوصل إلى الحقائق، وكان أرسطو أول من استخدم المنهج العلمي في رحلته البحثية معتمدا على القياس والاستقراء.
2- تاريخ البحث في العصور الوسطى :
يعتبر امتداد لما وصلت إليه الشعوب قديما، فكانت العصور الوسطى مرحلة الازدهار في أوروبا، حيث تطورت الكثير من القضايا العلمية متخذة منهجا علميا مخالفا لأرسطو حيث اعتمدت على طرق جديدة مبدعة منها التجربة وغيرها من أدوات البحث للوصول إلى هدفها العلمي والمعرفي.
3- تاريخ البحث في العصور الحديثة :
لقد تطورت كثيرا منهجية البحث العلمي حتى وقتنا الحالي، وفي جميع الاختصاصات العلمية من كيمياء وعلم نفس وعلم اجتماع وفن وآداب وغيرها، واختلفت اختلاف كلي طرق البحث وأدواته، حيث أخذ منهج العلمي الحديث يعتمد على عينات البحث والتجربة والبرامج الإحصائية.
المنهج العلمي وتطوره
مراحل تطور منهج البحث العلمي :
أولا: مرحلة التجربة واحتمالية الخطأ :
وهذا غالبا ما يأتي في محض الصدفة أي عن طريق ملاحظة الإنسان وتمعنه بالظواهر من حوله، فهذه المرحلة يعتمد بها الباحث على تجربة الملاحظة والمشاهدة لما حوله من الظواهر ومشاكل تحتاج البحث ليصل بعد ذلك إلى الاستنتاجات المرجوة.
ثانيا : مرحلة السلطة والتقاليد :
توصل الإنسان من خلال اعتماده على أراء القادة والباحثين من علماء ومختصين في المواضيع السياسية والاقتصادية والفكرية والثقافية إلى البحث العلمي، برغم من وجود احتمالية الخطأ ألا أن اتباع أراء من هم في السلطة السياسية والدينية كان واجب لابد منه.
ثالثا : مرحلة التكهن والجدل والحوار :
اعتمد في هذه المرحلة على الحوار والمناقشات والجدال في التوصل إلى المعلومات والحقائق، أي أصبح الإنسان لا يقبل أي فكرة أو معلومة أعطيت له وإنما يبحث على اثباتات وبراهين تؤكدها، فهو يرفض كل ما يخالف التفكير العلمي المبني على المنطق والعقل.
رابعا : مرحلة الطريقة العلمية :
اعتمدت هذه الطريقة على وضع الفرضيات حول ظاهر أو مشكلة بحث معينة ومن ثم يقوم الباحث بجمع البيانات والمعلومات بالعودة إلى المراجع وإجراء التجارب إن تطلب الأمر أو بالاعتماد على الملاحظة أو القياس وغيرها من الطرق للوصول أخيرا إلى ما يثبت صحة فرضياته أو يثبت عدم صحتها.
أبرز العلماء والمفكرين اللذين كان لهم دور أساسي في تطور المنهج العلمي :
1- أرسطو :
لقد برز دور أرسطو في تطور المنهج العلمي لما وضعه في كتابه “البرهان” حيث كتب فيه (نحن نفترض أننا لا نمتلك المعرفة العلمية حول شيء ما، وبدلاً من التعرف عليه عَرَضِيًّا كما يفعل السفسطائيون، نعتقد أننا نعرف السبب الذي تستند إليه الحقيقة، حيث الحقيقة وحدها ولا شيء غيرها، لأن الحقيقة لا يمكن أن تكون غير ما هي عليه) فهو لم يعتمد على الاستقراء فقط في أبحاثه وإنما كان مقتنعا بالقياس للوصول إلى الحقيقة وأسباب الظواهر.
2- أبيقور :
برز دور أبيقور في المنهج العلمي من خلال الفيزياء حيث وضع كتابه “القانون” منافسا منهج أرسطو،
اعتمد أبيقور على الملاحظة، وأهم قواعد المنهج العلمي في المجال الفيزيائي كانت :
– القاعدة الأولى : المفاهيم الأولى مدركة ولا تحتاج للتوضيح.
– القاعدة الثانية : يجب أن تكون لدينا مفاهيم بديهية.
3- ابن الهيثم :
برز ابن الهيثم أيضا في الفيزياء حيث وضع كتابه “المناظر” معتمدا في رحلته البحثية على الحدس والتجربة
للوصول للحقيقة، وكتب ابن الهيثم في كتابه هذا (الحقيقة تُرى لذاتها. وأولئك الذين يسعون من أجل أي شيء لذاته،
لا يهتمون بالأمور الأخرى. العثور على الحقيقة أمر صعب، والطريق إلى ذلك وعر(.
4- البيروني :
كان المنهج العلمي المتبع عند البيروني قريب جدا للمنهج العلمي الحديث، حيث أكد البيروني على ضرورة التجربة وتكرارها،
محاولا بذلك استبعاد أي خطأ الذي قد ينجم عن الملاحظات البشرية،
حيث بنيت النتائج العلمية التي توصل إليها على أساس التجربة وأخذ قراءات متعددة لها.
5- ابن سينا :
وضع ابن سينا كتاب “الشفاء” لقد خالف ابن سينا في منهجه العلمي المتبع في عملية البحث أرسطو ،
حيث اعتمد في أبحاثه على أهمية اجراء التجربة للوصول إلى الحقائق.
ووضع أيضا كتاب “القانون في الطب” وخالف منهجه أيضا المنهج العلمي للبيروني
حيث اعتمد في بحثه على طرح الاستفسارات والأسئلة قبل القيام بالتجارب العملية.
6- روبرت جروسيتيست :
انتقلت أفكار هؤلاء المفكرين إلى أوروبا في العصور الوسطى عن طريق ترجمة النصوص والوثائق إلى اللغة اللاتينية،
وكان روبرت جروستيتست أول من سعى إلى فهم منهج أرسطو العلمي في البحث ووضع الكثير من القوانين الهامة العامة
منها والخاصة مؤكدا على أهمية التجربة في الوصول للمعرفة، وتم اعتماد الكثير من قوانينه فيما بعد.
وهناك الكثير من العلماء والمفكرين والفلاسفة الين أثبتوا أفكارهم وأعمالهم في مجال بحث المنهج العلمي.
خاتمة :
من ذلك نستنتج أهمية المنهج العلمي وتطوره على مر السنين والأعوام نظرا لما استطاع أن يصل من تقدم علمي نقل المجتمع
والفرد من وضع إلى وضع أفضل وعلى جميع الأصعدة العلمية من فيزياء وكيمياء وطب وآداب وفن وغيرها الكثير.