المنهج الفلسفي في البحث العلمي

المنهج الفلسفي في البحث العلمي

المنهج الفلسفي في البحث العلمي

المنهج الفلسفي في البحث العلمي هو أحد المناهج العلمية التي يعتمد عليها الكثير من الباحثين العلميين وطلاب الدراسات العليا،

في العديد من المجالات والتخصصات العلمية.

وهو ما يستلزم على هؤلاء الباحثين التعرف على مفهوم هذا المنهج العلمي وأهميته،

ومعرفة خصائصه وطرق استخدامه، وذلك للاستفادة المثلى من المنهج بما يساعد على الوصول إلى حلول واستنتاجات منطقية سليمة.

إن المنهجية الفلسفية تسعى الى تأمين الإجابات المنطقية العقلية لمختلف الإشكاليات والأسئلة المرتبطة بالحياة البشرية.

حيث يعتمد هذا المنهج على الدراسة والتحليل لمختلف القواعد المعتمدة في تحديد طرق ممارسة الفلسفة،

مع العمل على معالجة المشاكل العلمي بأسلوب فلسفي.

ويعتبر المنهج الفلسفي من أقدم المناهج العلمية، بعد ظهوره من آلاف السنين في اليونان،

حيث كان الفلاسفة أمثال أرسطو وأفلاطون من أوائل من اعتمد الفلسفة التي تطورت عبر العصور.

حتى ظهرت بأشكال متنوعة وجديدة بالعصور الحديثة، ومن هذه الأشكال الجديدة نذكر: الفلسفة الوجودية، الفلسفة التفكيكية، الفلسفة التحليلية، الفلسفة التأويلية.

ولهذه الأشكال المختلفة سمات مشتركة أبرزها: المناقشة المنطقية والاحتجاج العقلي، الجدليَّة الديالكتيكيَّة، الشك الديكارتي.

مفهوم المنهج الفلسفي في البحث العلمي

إن كلمة الفلسفة من الكلمات القديمة التي تعني “حب الحكمة” أو “حب المعرفة”، وهي تعتمد على النظرة العقلانية المنطقية والتجريدية للأشياء.

حيث يتجه الباحث من خلال اعتماده على المنهج الفلسفي الى استخدام أسلوب واقعي للتجارب البشرية بشكل عام،

وهي تسمح من خلال الفرضيات والمذاهب والنظريات المتعددة أن يتم شرح الطبيعة الفلسفية لموضوع البحث.

أهم خصائص المنهج الفلسفي في البحث العلمي

للمنهج أو التفكير الفلسفي العديد من الخصائص التي لا بدّ من الالتزام بها، ومن أبرزها نذكر:

  • التفكير النقدي:

 لا بدّ على الباحث العلمي أو المفكر الفلسفي أن يعتمد على أسلوب عقلي يقوم على الشك المنهجي الذي هو من أشكال التفكير النقدي،

ومن خلاله يتم التفكير الهادئ والعميق الذي يساعد على الدراسة المنطقية التي تؤدي بدورها الى إصدار القرارات والأحكام بتروي.

  • التفكير التجريدي:

من أبرز خصائص المنهج الفلسفي اعتماده على التفكير العقلاني المجرد،

بحيث يقوم الباحث العلمي من خلاله بإجراء دراسة معمقة وتفصيلية لكافة مفاهيم البحث العلمي الخاصة.

  • التفكير النسقي:

من أبرز مميزات المنهج الفلسفي في البحث العلمي أنه يعتمد على التفكير النسقي المنظم،

بحيث يستند بصورة رئيسية على المحاكمات العقلية،

بحيث يقوم الباحث بدراسة جميع المفاهيم التي تتصف بأنها عامة ومجردة من خلال استخدامه لهذه الاداة او المنهجية العلمية.

  • التفكير الكلي:

من أهم سمات التفكير الفلسفي أنه تفكير كلي يسعى الى دراسة كافة الموضوعات العامة،

كما انه يهتم بدراسة الظواهر المادية، بالإضافة الى أنه يعمل على دراسة مختلف المفاهيم العامة التي تنتمي إلى المفاهيم المجردة.

أبرز الطرق المتبعة في المنهج الفلسفي

تتعدد الطرق المتبعة من خلال المنهج الفلسفي في البحث العلمي، ومن أبرز هذه الطرق نذكر:

  • المُبرِّرات والحجج:

تتميز المبررات والحجج بأنها عقلانية ومنطقية، وبأنها تتكون من مجموعة أفكار متناسقة ومنظمة،

حيث تبدأ الأفكار من خلال الفرضيات التي يحددها الباحث العلمي،

وتنتهي بالاستنتاجات التي تسعى لتأكيد هذه الفرضيات، بعد دراسات منطقية متسلسلة ومترابطة.

وبالتالي يمكننا اعتبار المبررات والحجج من الطرق والأساليب الأساسية في المنهج الفلسفي في البحث العلمي،

ومن الطبيعي أن يعتمد جميع الفلاسفة أو الباحثين الذين يعتمدون هذا المنهج على الحجج المنطقية،

فلا يمكن تصوّر الفلسفة دون وجود مبررات وحجج منطقية. 

ويمكن تعريف الحجة المنطقية السليمة بأنها البيان المنظم والدقيق والواضح والسليم،

الذي يسعى لمعالجة الشكوك الرئيسية التي دفعت الباحث للدراسة البحثية وصولاً إلى الحلول والاستنتاجات الصحيحة المدعمّة بالحجج والمبررات المنطقية.

  • طريقة الشك:

إن بداية الفلسفة وفقاً لأفلاطون كانت من خلال التعجب أو الدهشة،

ولأرسطو رؤية مشابهة بقوله أن الدهشة هي أول فعل قاد البشرية الى التفكير والفلسفة، وما زالت هذه الدهشة تقود البشر حتى الآن.

إن المنهج الفلسفي في البحث العلمي يبدأ في معظم الأحيان بإثارة عدد من الشكوك المرتبطة بالعديد من المعتقدات التي تقبلها البيئة أو المجتمع المحيط،

ومن الأمور التي تدعم الشك أن الإنسان ما زال حتى يومنا هذا لا يجد تفسير كافي للظواهر العالمية أو الكونية التي تحيط به.

  • الوصول إلى الحلول:

يتجه بعض الباحثين العلميين الى التحليل او التعريف للمشكلات الفلسفية المطروحة، أو الى اقتراح نظرية،

وتقديم كافة الحجج العقلانية السليمة التي تدعم النظريات المطروحة.

ووفق هذا الأسلوب المتبع في المنهج الفلسفي فإن النظريات أو الحلول المقترحة لا يفترض أن تكون شاملة وعامة بصورة دائمة،

فهي في الكثير من الأحيان تكون خاصة و مرتبطة بجزئية ما لمشكلة بحثية، أو العمل على التوفيق بين الآراء المتعارضة أو المختلفة.

  • النقد الفلسفي:

نظراً الى وجود اختلافات كبيرة وجدل واسع بين الباحثين العلميين والفلاسفة فيما يرتبط بالمسائل البشرية أو الكونية،

فإن النقد الفلسفي بات من الطرق الأساسية التي تنتمي إلى المنهج الفلسفي في البحث العلمي.

فكما نجد أن بعض الفلاسفة يقدمون الحلول والحجج والتفسيرات المنطقية حسب وجهة نظرهم العلمية،

يأتي فلاسفة وباحثون آخرون بالحجج والتفسيرات المنطقية المضادة وفق وجهة نظرهم العلمية الحيادية،

ويحاولون الوصول الى نتائج وحلول أفضل من تلك التي قدمها الباحثون الآخرون.

ومن خلال هذا النقد الفلسفي والنقاش المتبادل يصل الباحث العلمي الى ما يسمى الجدلية الديالكتيكية،

وهي ببساطة محادثات ونقاشات فلسفية تنشأ بين الفلاسفة والباحثين الذين لا تتفق وجهات نظرهم العلمية حول مشكلة ما.

  • تحديد الأسئلة وصياغتها:

إن تحديد وصياغة الأسئلة الفلسفية من أبرز الطرق التي يعتمد عليها المنهج الفلسفي في البحث العلمي،

ومن خلاله يقوم الباحث بصياغة الأسئلة التي يفترض أن يجيب البحث العلمي عليها بما يساهم في حل المشاكل البحثية.

وهنا يظهر لنا بأن توضيح وتحديد المشكلة البحثية بشكل دقيق، وصياغة الأسئلة المناسبة لها والتي تحيط بالمشكلة من كافة جوانبها،

سيساهم في حل المشكلة بصورة دقيقة، وبشكل أسهل وأسرع وبفعالية أكبر.

وفي السياق ذاته يفضّل العديد من الفلاسفة والباحثين العلميين الهدوء وعدم التسرع،

وأخذ كل ما يحتاجون اليه من وقت قبل صياغة المشكلة البحثية وأسئلتها بشكل واضح ودقيق.

أسئلة وأجوبة عن مناهج البحث العلمي

 

  • المحفزات أو الدوافع:

إن المنهجية الفلسفية وفي معظم الأحيان تعتمد على المحفزات أو الدوافع،

وهي التي تهدف إلى جعل الإنسان يتبنى الفكرة والفلسفة التي يفهمها، علماً ان الانسان يمكن ان يتبنى أحياناً أفكار لا يفهمها.

وبناءً على ذلك يوجد عدد كبير وهائل من المفاهيم الرئيسية الغير واضحة أو غير مفهومة التي يتبناها الإنسان كالمسبب والسبب، والعقلانية.

كيفية إعداد خطة بحث في المحاسبة

منهج الابستمولوجيا الفلسفي

إن كلمة Epistemology في اللغة الإنجليزية تعني نظرية المعرفة،

وهي من المناهج الفلسفية التي تسعى لدراسة المعرفة عبر تحديد وفهم وتحليل طبيعة المعرفة، وما هو مقدار المعارف الإنسانية.

وبالخصوص أنه وفق الطبيعة البشرية فإن الإنسان يعرف بعض الأمور كما يجهل أخرى، فلا يوجد هناك معرفة مطلقة.

تترك الابستمولوجيا أو نظرية المعرفة مجالات واسعة للمناقشة، وتبقى الأسئلة فيها مفتوحة دون الوصول إلى الإجابات الثابتة.

منهج الأنطولوجيا الفلسفي

إن كلمة Ontology في اللغة الإنجليزية يقصد بها علم الوجود، وهو من أهم أساليب المنهج الفلسفي في البحث العلمي،

والذي يسعى لدراسة الوجود عبر الميتافيزيقيا، ويهتم بماهية الوجود و بواجبات الملزمين به.

كما يسعى الى دراسة الأساليب التي يمكن أن تربط الامور مع بعضها البعض بشكل ميتافيزيقي،

والدراسة هنا تكون لما فوق الانطولوجية، وهو ما يسعى الوجود إلى أن يصل إليه،

مع كيفية فهم الأسئلة التي يمكن إيجاد اجوبة لها،

وتحديد المنهجية التي يتم استخدامها للوصول الى الجواب.

التفكير المنهجي في المنهج الفلسفي

إن التفكير المنهجي هو أساس المنهج الفلسفي في البحث العلمي،

ومن خلاله تظهر فعالية هذا المنهج التي يمكن رؤيتها من قبل الباحثين المختصين والفلاسفة

على أن يتم الالتزام بمحددات التفكير المنهجي وذلك من خلال أمور معينة أبرزها:

 على الباحث العلمي أن لا ينشغل ويضيع الوقت على الأمور والمعاني ذات المضامين البديهية والمفهومة والواضحة،

وهو ما أكدّ عليه العالم الكبير “ديكارت”، ولذلك فقد سمّيت هذه الحالة بالثورة الديكارتية،

والتي تبنى على البداهة والوضوح، ومن خلاله يتم التسليم بأن حكم العقل هو أساس التسليم باليقين.

يتجه الباحث العلمي من خلال المنهج الفلسفي في البحث العلمي الى دراسة الأمور ذات الواقع المادي الغير تصوري،

ويقوم بالتنظيم والترتيب لأفكاره من خلال نسق خاص يستند فيه الباحث الى جميع المعاني التي يستند إليها.

للقضايا التي تعتمد المنهج الفلسفي خاصيتين رئيسيتين هما اللامنهجية الممكنة

دون أن تتواجد مرجعية عقلية تجعل التفكير الإنساني بشكل عام يأتي بشكل مقصود وواعي، بما يساعد على الوصول الى الغايات أو الأهداف المحددة.

ومن جهة أخرى تأتي خاصية الأحكام ذات المواصفات المنهجية التي لا تعتبر من الأساليب البحثية المنهجية الوحيدة،

التي يمكن أن تستخدم بشكل منطقي علمي رياضي في القضايا والمشكلات الفلسفية والفكرية والمعرفية.

يتجه الباحث العلمي عبر اعتماده على المنهج الفلسفي في البحث العلمي الى معالجة المشكلات الفلسفية

التي من الممكن أن تقترب من المناهج العلمية التجريبية، والتي لا يمكن اعتبارها من ضمن التكامل النسقي المعرفي.

ميزات المنهج الفلسفي في البحث العلمي

يتجه الباحثون العلميون الى اعتماد المنهج الفلسفي في البحث العلمي لما يمتلكه من مميزات أبرزها:

  1. إن المنهج الفلسفي من المناهج العلمية التي تعتمد على التنظيم والترتيب العلمي.
  2. يمكن للباحث العلمي من خلال المناهج الفلسفية الوصول إلى نتائج صحيحة ومثبتة.
  3. يعتبر هذا المنهج من الأدوات الفعالة لوضع الفرضيات البحثية المرتبطة بالدراسة، و القابلة للاختبار من خلال الدراسة.
  4. يعتبر هذا المنهج من الأساليب الفعالة لتفسير العلاقات بين مختلف المتغيرات البحثية.

عيوب المنهج الفلسفي في البحث العلمي

  1. في الكثير من الحالات قد لا تتناسب العينة الدراسية التي تمّ اختيارها مع المشكلة أو الموضوع البحثي.
  2. للمناهج الفلسفية عدد كبير من المحددات المكانية والزمانية.
  3. هناك حالات كثيرة لا ينجح فيها الطالب او الباحث العلمي في صياغة الفرضيات البحثية المقبولة، التي يمكن تأكيدها من خلال النتائج البحثية.

وبذلك نكون قد اطلعنا على مفهوم المناهج الفلسفية التي يمكن استخدامها في الدراسات، وما هي أهم خصائص هذه المناهج،

كما عرضنا أبرز الطرق المتبعة في المنهج الفلسفي، وعلى منهج الابستمولوجيا ومنهج الأنطولوجيا الفلسفي.

وبالإضافة إلى كل ذلك فقد ألقينا الضوء على دور التفكير المنهجي في الفلسفة،

مع عرض أبرز ميزات وعيوب المنهج الفلسفي في البحث العلمي،

آملين أن نكون قد وفقنا في تقديم المعلومات المفيدة للطلاب والباحثين العلميين.

المصادر:

ما هو المنهج الفلسفي، 2019، موضوع

المنهج الفلسفي، 2021، مبتعث

منهج فلسفي، 2022، ويكيبيديا

Share this post


تواصل معنا الآن