تاريخ ازدهار دراسات علم الترجمة من القديم لليوم
جدول المحتويات
تاريخ ازدهار دراسات علم الترجمة
تاريخ ازدهار دراسات علم الترجمة والنقل تناوله بعض الباحثين بالدراسات الاكاديمية المنظمة، نحن هنا في اكاديمية الوفاق للترجمة والبحث العلمي بالوطن العربي والشرق الاوسط نعرض لكم ازدهار حركة الترجمة والنقل، بداية من حضارة ما قبل الميلاد مرورًا بالترجمة عند الرومان واليونان، من ثم نوضح كيف تطورت الترجمة في العصور الوسطى، بالإضافة الى ما قدمته الحضارة الاسلامية في العصر الاموي و العصر العباسي.
نتطلع الى وصل تتبع تاريخ دراسات علم الترجمة مرورًا بالفترة الاوروبية المعروفة بعصر النهضة حتى نصل الى القرن الحادي والعشرين وكيف اصبحت الترجمة علم قائم بذاته.
نتعرف معًا على علماء ومنهجين ساهموا في وضع الترجمة بين العلوم، وبلورتها الى ان اصبحت الترجمة علم قائم بذاته له مناهجه العلمية، ومدارسه المختلفة.
تتداخل الترجمة العلمية والادبية مع انواع العلوم الانسانية المختلفة، ساعد هذا التداخل في لفت انظار علماء اللغة الى اهمية الترجمة الى ان اصبحت على ما هي عليه الان. قد يظن بعض الباحثين او غيرهم ان الترجمة ما هي الا حركة تخدم انواع العلوم والباحثين في ما يعملون عليه من ابحا علمية، للترجمة فوائد ومنافع شتى لا يسعها موضوع واحد لإظهارها، ولكننا نعرج عليها لتعم الفائدة كما عودتكم اكاديمية الوفاق في عرض وتغطية الموضوعات المهمة للباحثين الأكاديميين والتربويين وغيرهم.
الاسباب العامة للترجمة
قبل التعريف بتاريخ ازدهار دراسات علم الترجمة على مر العصور، وجب التعريف بالدوافع والاسباب الحقيقية للترجمة، تختلف اسباب الحاجة الى الترجمة بين فترة زمنية واخرى، لكنها في النهاية تصب حول سبب واحد وهو الحاجة الى فهم وتفسير نصوص وكلام الغير والتواصل معهم، ومن الاسباب الواضحة للترجمة ما يلي:
- التواصل مع الاخر.
- تعلم لغات جديدة.
- البحث عن خبرات ومعارف.
- خدمة الابحاث العلمية.
- ترجمة الانتاج الفكري بين الشعوب.
- الترجمة العلمية والادبية والدراسات الادبية المقارن.
حركة الترجمة قبل الميلاد
دفعت الحاجة الفرعون المصري رمسيس الثاني لعقد معاهدة سلام مع الحيثيين بعد معركة قادش الثانية، وفي عام 1258 قبل الميلاد تم توقيع معاهدة وصلح، وتعتبر اول معاهدة سلام عرفتها البشرية، وقد تم تدوين نصوص المعاهدة باللغتين، احدي النسخ معلقة في المقر الدائم للأمم المتحدة.
الشاهد مما سبق ان المعاهدة كانت باللغة الهيروغليفية القديمة واللغة الحيثية، عند البحث عن ازدهار دراسات علم الترجمة كانت نصوص تلك المعاهدة اقدم ما توصل اليه الانسان من نصوص قديمة مترجمة الى اكثر من لغة. بعض إرهاصات حركة الترجمة ظهرت قبل الميلاد، الى ان وصلنا الي اليونان وارمان، وكان الدافع الى ذلك الحاجة كما اخبارنا في بداية الموضوع.
الترجمة عند اليونان والرومان
حركة الترجمة عند اليونان والرومان نضمها الى فترة ما قبل التاريخ، انتشر الاسكندر الاكبر بفتوحاته وعلومه الى مشارق الارض ومغاربها. مر الاسكندر الاكبر بالكثير من الحضارات الانسانية التي تسبق نشأة الحضارة اليونانية والرومانية فيما تلتها، تعج تلك الفترة بالأسماء الكبيرة لعلماء ومعلمين كبار استفادوا مما انتجته الحضارات الاخرى في البلاد التي وقعت تحت سيطرتهم.
هضم العلماء اليونان والرومان من فلاسفة وغيرهم المعارف الانسانية، وكانت الحاجة الى الترجمة كبيرة؛ لمعرفة ما في تلك الكتب والحضارات من علوم من الممكن تطورها والاستفادة منها.
الطب والفلك من الحضارة المصرية القديمة، الصناعة من الحضارة الصينية، احتاجت تلك المجالات الى ترجمات دقيقة وملائمة للعقل اليوناني، معظم اعمال التراجم في تلك الفترة كانت بمثابة اعمال فردية للفلاسفة والعلماء ولم يكن للترجمة استقلالية كما هي الان.
الترجمة في الحضارة الاسلامية
من المعروف عن الحضارة الاسلامية انها مصباح انار العصور الوسطى.
واخطأ كثير من العلماء – خاصة المستشرقين – بتسمية تلك الفترة عصور الظلام.
الحضارة الاسلامية هي رائدة النهضة المعرفية ونواة حقيقية لما توصل اليه الانسان من تقدم.
كما هو الحال في الحضارات الاخرى السابقة للحضارة الانسانية.
درس علماء المسلمين نتاج ومعارف اليونان والرومان، واخضعوها للتجربة.
ونقحوها الى ان تم انتاج معارف اسلامية واكتشافات في كل المجالات المعرفية.
نهضة حقيقية طالت الطب والفلسفة والمنطق والكيمياء والهندسة والرياضيات.
(حركة الترجمة في العصر الاموي (40-132هجرية\ 660-749م
بعد انتهاء الامر الى بني امية، اتسعت الاراضي والفتوحات استمرت الى ان اختلطت كل العقول والاجناس والمعارف الانسانية المختلفة.
اثرى هذا التنوع العلوم الى حد كبير.
تعلم العلماء والباحثين من غير العارفين بالعربية، وتعلموها واتقنوها.
في نهاية العصر الاموي كانت قد تبلورت الترجمة .
لتصبح حركة كبيرة نشطة وقوية، و توالت عطايا الحكام للمترجمين.
قد ورث “خالد بن يزيد بن معاوية” مكتبة كبيرة من الكتب المهداة الى جده من حكام العالم.
الكثير من تلك الكتب قد تمت ترجمته للعربية.
لان معاوية كان مهتم بمعرفة سياسات الملوك والحكام، بقي “خالد بن يزيد” في الخلافة فترة ثلاثة اشهر فقط.
ثم تركها طواعية؛ ليتفرغ للعلم والدراسة، واشتهر بحبه للكيمياء.
تعاون “خالد بن يزيد” مع كثير من علماء عصره.
و تحصل منهم على ترجمات قيمة في الطب والكيمياء ومن اشهر ما تعاون معهم ” مريانوس” او المعروف باسم “يوحنا الدمشقي القديس” الذي ترجم الكثير من الكتب والمعارف في حتى بعض مؤلفات ارسطو.
ضعفت الخلافة الاموية وضعفت معها “حركة الترجمة والنقل” وتتباين اهتمامات كل خليفة بالترجمة والنقل والمترجمين واعمالهم.
بسبب انشغالهم بالسياسة، الى ان استقر الامر الى بني العباس.
حركة الترجمة في العصر العباسي
العصر العباسي هو العصر الذهبي للحضارة الاسلامية.
اهتم فيه المسلمون بالعلوم المختلفة.
تنوعت الاهتمامات بين الطب والهندسة والحساب والفلسفة وغيرها من العلوم.
احد خلفاء بني العباس اسمه “الخليفة المنصور” يبحث عن العلوم وشغوف الى درجة كبيرة بالمعارف الجديدة.
ارسل الرسل الى الحكام في مشارق الارض ومغاربها يطلب منهم كتب في العلم والحكمة.
حتى ارسل اليه ملك الروم كتاب “اقليدس في الهندسة” وكتب علمية اخري.
كتاب “المجسطي لبطليموس” تمت ترجمته في عهده،.
وغيرها من الكتب في الحساب من الهند والصين.
انتشرت المكتبات الكبيرة ومراكز الترجمة في الثغور والبلدان العربية الكبيرة.
وكانت بمثابة جامعات تضم العلماء والمترجمين في معظم التخصصات العلمية والدراسات الحديثة.
واشهر تلك المكتبات مكتبة دار الحكمة في بغداد بالإضافة الى مكتبة الاسكندرية.
نقول ان الترجمة لم تشهد ازدهار في العصور الوسطى كما كان الامر في حكم بني العباس.
ظهرت حركة الترجمة بالمعني واشهر المترجمين بالمعني حينها هو “حنين بن اسحاق”.
الترجمة بالمعني والتلخيص والفهم ” يعقوب بن الكندي” تناول الكثير من المعارف والكتب القديمة وترجمها الى العربية.
لم تغيب الترجمة الحرفية عن ساحة حركة الترجمة في عهد العباسيين.
وكان السريان اشهر من ترجم كتب اليونان والرومان الى اللغة السريانية ومن ثم الى اللغة العربية.
لا ينحصر تاريخ ازدهار دراسات علم الترجمة عند العباسيين الى هذا الحد او الكم.
بل يحتاج الى مؤلفات كبيرة؛ بسبب كثرة اسماء المترجمين وما انتجوه من اعمال وكتب ومدارس في الترجمة.
ازدهرت الترجمة واصبحت علم قائم بذاته.
بسب تداخل الترجمة مع الكثير من العلوم والآداب الانسانية منها.
( التاريخ، الادب المقارن، اللسانيات، علوم اللغة، الفلسفة ، وعلم الكلام…..إلخ).
حركة الترجمة
- ان اول من استخدم مصطلح “دراسات الترجمة” هو العالم الامريكي “جيمس هولمز” في بحث قد اعده تحت عنوان “تسمية دراسات الترجمة وطبيعتها”، مع مرور الوقت فضل الامريكيون استخدام لفظ “علم الترجمة” .
- شهد عام 1958 ميلادية جدل ونقاش كبير حول المناهج اللغوية المتبعة في الترجمة، وتم التوصل الى ان تصبح الترجمة علم قائم بذاته وليس من وجهة نظر العلم التابع له كما في الادب المقارن او للسانيات.
- في عام 1964 تأثر العالم “ايوجين نيدا” بما انتجه “نعوم تشومسكي” من نظريات النحو التوليدي، ونشر كتاب في نفس العام “نحو علوم الترجمة” .
- ازدهرت الترجمة في فترة الخمسينيات الى السبعينيات من القرن الماضي، وانتج العلماء الكثير من الكتب التي تخدم العاملين والدارسين في الترجمة.
- في كوبنهاجن عام 1972 ميلادية تم عقد مؤتمر اللغويات التطبيقية في دورته الثالثة، وكان الحديث عن الترجمة وجمع مناهجها واسسها، وصل بعدها “جدعون توري” بكتابه المعروف باسم الترجمة الوصفية وما بعدها خارطة بصرية لمقترح هولمز. من هنا نعرف كيف تطورت اعمال الترجمة، وما اصبح عليه تاريخ ازدهار دراسات علم الترجمة .