تعريف نظرية السوسيولوجية
تعريف نظرية السوسيولوجية
معرفة مفاهيم المجتمعات وطبيعة تفكيرها هي من أهم أهداف علم الاجتماع
إن كل العلوم بمختلف مجالاتها واختصاصاتها بما فيها علم الاجتماع بحاجة لنظريات توضح أفكارها ومسلماتها، فالنظريات تقدم تفسير واضح للمواضيع المختلفة، و إن كان لبعضها أسماء و مصلحات غريبة نوعا ما، ولكن عند البحث وفهم المضمون نعتاد عليها ومنها ” تعريف نظرية السوسيولوجية “.
جدول المحتويات
تعريف نظرية السوسيولوجية :
اصطلاح السوسيولوجية : إن أول من أطلق هذا المصطلح العالم أوغست كونت، إن كلمة سوسيولوجية مشتقة من كلمتين الأولى تعني مجتمع، والثانية تعني دراسة، وبالتالي السوسيولوجية تعني دراسة المجتمع بما فيه من ظواهر.
النظرية السوسيولوجية تعتبر من النظريات المحدثة، و تدرس إمكانية ربط مجموعة من الحقائق حول المجتمع بما فيه من علاقات ، أو هي مجموعة من القضايا المترابطة و التي ينبثق منها اتساق معين يدل على العلاقة بين ظواهر المجتمع و انتظامها، فهي تقوم بدراسة جميع التغيرات و التطورات و السلوكيات و التفاعلات الإنسانية في المجتمع وإمكانية التبوء لها .
وقد وضع العالم “مارشال” عدد من التعريفات للنظرية السوسيولوجية:
1- البعض يرى أن النظرية تتكون من مجموعة من التعميمات للظواهر الاجتماعية التي تختلف فيما بينها من حيث المستوى و المدى, فتنتقل من تعميمات امبريقية معينة إلى تعميمات أشمل للواقع الإنساني.
2- الهدف من النظرية من ناحية النظرة الفلسفية، يجب أن تكون من الواقع الامبريقي و مرتبطة به، وأن تكون و بشكل منسق قابلة للاختبار الامبريقي.
3- البعض يركز على النظرية من حيث الوظائف التي يجب تؤديها، وذلك من خلال ملاحظة المكونات المباشرة و غير المباشرة للواقع, وعلى أساس النتائج التي تشير إلى تواجدها.
و هناك الكثير من التعريفات للنظرية السوسيولوجية لكثير من الباحثين، وعدم الاتفاق على تعريف معين لها يعكس الخلافات الفكرية حول ذلك. وهذه الاختلافات سببها عوامل كثيرة منها الفترة التاريخية التي يعيش فيها الباحث و رأيه بخصوص الهدف من النظرية و الإيديولوجية التي يؤمن بها والتي تلعب بها دور أساسي
في تعريف النظرية.
موضوع النظرية السوسيولوجية :
تهتم النظرية بدراسة علم الاجتماع البعيد المدى, وعلم الاجتماع القريب المدى، و يقصد بالأولى الخصائص البعيدة المدى للبناء الاجتماعي، ويقصد بالثانية التفاعل و الاتصال والمواجهات بين شخص و أخر، وتقسم النظريات السوسيولوجية تبعا للعودة إلى نشأة علم الاجتماع إلى قسمين وهما:
1- نظريات الصراع الاجتماعي:
والمقصود بها تحليل المجتمع من خلال صراعاته، وذلك من خلال مبدأ أن الصراع الاجتماعي أمر لا مهرب منه، وبالتالي فإن جميع المجتمعات دون استثناء لديها أسباب للصراع لا يمكن التغاضي عنها، و كأمثلة عن أسباب للصراعات، قلة الموارد، وتباين المصالح بين الجماعات و التي تؤدي إلى اختلاف الأهداف و خلق تنافس فيما بينها.
2- نظريات التوازن أو التبادل الاجتماعي:
والمقصود بها تعاون الجماعي بين الأفراد لتحقيق أهدافهم و مصالحهم، و تدرس هذه النظرية الألية المستخدمة من قبل الافراد لتوصل لتلك المصالح، وكيفية التبادل فيما بينهم، و يعتبر جورج هومانز من أهم أعلام هذه النظرية و الذي رفض أي نظرية تحوي بناءات لا ترتبط بالفرد و تتشكل بمنعزل عنه.
ونلاحظ أن كلا النظريتين يدرس و يهتم بالبناء الاجتماعي و طبيعة العلاقات الاجتماعية و الخصائص المؤسساتية للمجتمع، و يعتبر التطور الاجتماعي من أهم المواضيع التي تتناولها النظرية السوسيولوجية، و نلاحظ الباحثين هنا يولون اهتمام أقل فيما يخص سوسيولوجية الفرد، فالاهتمام الأكبر يكون من نصيب المجتمع ككل من مؤسسات و تنظيمات و ما يأخذه الأفراد من مهام ضمنها.
وظائف النظرية السوسيولوجية :
لقد حدد الباحث “بريزويت” وظائف لهذه النظرية، نذكر منها :
1- النظرية السوسيولوجية تتضمن دائما قضايا مجردة، وبالتالي النتائج التي تصل إليها مرتبطة بالواقع و ليست منعزلة بحيث يتم فهمها.
2- النظرية بحاجة دائمة للمعلومات جديدة مستوحاة من الواقع, والبحث هو الممول الأول لها، وذلك من خلال طرح البحث لإرهاصات التقصي و التنبؤ المستقبلي.
3- النظرية السوسيولوجية هي الموجه لعمليات البحث في ظواهر الاجتماعية، فهي المرجع والمفسر الأول لنتائج الدراسات و البحوث، و المصدر الأول لوضع الفرضيات. فإن أهمية العلاقة بين النظرية و البحث تكمن في أهمية دعمها بالبراهين والأدلة العلمية إضافة للإطار النظري لأي دراسة.
4- ومن أهم وظائف النظرية السوسيولوجية القدرة على التنبؤ الاجتماعي، أي يستطيع الباحث الاجتماعي توقع لمستقبل العلاقات الاجتماعية.
ومن وظائف النظرية :
5- تحدد النظرية الموضوعات الرئيسية، أي تحدد المواضيع التي يجب دراستها و بحثها أكثر من غيرها، و المواضيع التي لم يتم بحثها من قبل، والنتائج التي تم الوصول إليها.
6- جميع الباحثين في مجال علم الاجتماعي و العلم الإنساني يؤكدون على الارتباط الوثيق بين النظرية والبحث، فإن أي جمع للبيانات و المعلومات بدون نظرية ليس له فائدة، و أيضا النظرية بدون معطيات وبيانات فاقدة للمعنى.
7- قدرة النظرية السوسيولوجية على تصنيف و توضيح و تفسير كل الاختلافات التي تحصل بالترافق مع مفاهيم السلوك الاجتماعي، ويتم تصنيف هذه الاختلافات من حيث النقاط المتشابهة والمختلفة فيما بينها، وتعتبر من أكثر الوظائف التي خدمت عملية البحث و الاستقراء.
الأنماط الرئيسية للنظرية السوسيولوجية:
1- النظريات التحليلية :
و يقصد بها النظريات البديهية، وهي تشبه النظريات الرياضية التي لا تمثل شيئا في الواقع.
2- النظريات المعيارية :
مثال عليها نظرية أفلاطون في الفضيلة، حيث يتعلق هذا النوع من النظريات بالحالة الجمالية و الأخلاقية أي كل ما هو مثالي يرغب به الإنسان.
3- النظريات العلمية :
هي العلاقة بين متغيرين أو أكثر، وتتميز هذه النظريات بقدرتها على التعميم و التنبؤ للمستقبل.
4- النظريات الميتافيزيقية:
هذه النظريات لا تمثل المجتمع و لا واقعه، فهي تعتمد على شخصية المفكر أو الباحث أو الفيلسوف، أي نظريات ذاتية.
أهداف النظرية السوسيولوجية:
حيث حدد المنظر “جانثان ترنر” أهداف النظرية السوسيولوجية كما يأتي :
►الهدف الأول:
تهدف النظرية السوسيولوجية في بادئ الأمر إلى الوصول بأوضح بصورة إلى العالم، فلذلك
يقوم المنظرون وبأسلوب مميز بترتيب و تنسيق و تصنيف الأحداث الاجتماعية.
►الهدف الثاني:
التنبؤ للمستقبل من أهم ما تسعى إليه هذه النظرية، لذلك يتم دائما تفسير الأحداث الاجتماعية
و تحليل أسباب حدوثها ليتمكن المنظر من وضع توقعاته لتطور هذه الأحداث.
►الهدف الثالث:
تهدف هذه النظرية أيضا على فهم الواقع و تفسيره، حيث نستطيع من خلالها فهم العلاقات
و التعرف عليها وعلى الأسباب التي شكلتها و الظروف التي أثرت عليها و جميع ارتباطاتها.
►الهدف الرابع:
تهدف دائما النظرية السوسيولوجية إلى الاستفادة من المعرفة، فلا يكتفي الباحث كما كان سابقا
بأن المعرفة للمعرفة، فالأن يستطيع المنظر التوصل إلى تطبيقات عملية لنتائج فهم الأحداث و الظواهر و تفسيرها و كل ما تتضمنه.
►الهدف الخامس:
التوصل إلى معنى دقيق حول أسباب الوقائع الاجتماعية و الظواهر و العلاقات التي يتناولها المنظر.
نستنتج مما سبق
إن دخول نظرية السوسيولوجية و تعريف نظرية السوسيولوجية بكل مفاهيمها ساعد بالتأكيد على ضرورة
وأهمية التجارب المعرفية في الدراسات الاجتماعية التي كانت تقتصر على أبحاث نظرية، فإن أبرز مكونات بنية النظرية
هي المتغيرات و الفرضيات والقضايا في حين النصوص والشكل متتم جمالي للنظرية.