الفرضية في البحث العلمي وهل الفرضية ضرورية في البحث العلمي؟
الفرضية في البحث العلمي وهل الفرضية ضرورية في البحث العلمي؟ هل يمكن ان يستغني الباحث العلمي المتبع للمنهج العقلاني في ابحاثه عن الفرضية؟ موضوع مناقشة جدلية يتم فيها عرض اراء العلماء والفلاسفة حول الفرضية في البحث العلمي.
الفرضية في البحث العلمي لها تعريف خاص بها، علمي في المقام الاول يخدم البحث العلمي ويدفع الباحث الي استخدام مقوماته العقلية وخبراته ومهاراته للصول الى فروض علمية لتفسير الظاهرة قبل البدء في العمل التجريبي على الظاهرة موضوع الدراسة ومشكلتها.
يدور النقاش حول استخدام الفرضية في الابحاث العلمية والدراسات الاكاديمية بكل انواعها بما في ذلك المقالات العلمية والاطروحات والاوراق البحثية.
انقسم فيها العلماء والفلاسفة على مذهبين، الاول يقول بوجوب استخدام الباحث للفرضية العلمية في البحث العلمي، وكونها جزء ومكون رئيس من مكونات التجربة تأتي بعد الملاحظة.
الرأي الثاني قال بعدم جواز اعتماد الباحث في حل المشكلات على الفرضيات العلمية، وانه من الواجب منع العقل عن التدخل في حل المشكلة من قبل اجراء التجربة، وانه من الاولى الاعتماد على الحواس البشرية في الملاحظات و التجارب وحل المشكلات البحثية.
نستعرض في هذا الموضوع كلا الرأيين ونوضح ونناقش لها مع التعريف بأي الآراء اقرب الى الصواب واكثر خدمة ومنفعة للباحث العلمي ودراساته البحثية.
جدول المحتويات
الفرضية في البحث العلمي
المنهج التجريبي الاستقرائي هو منهج ضمن مناهج البحث العلمي، يستخدمه الباحث من اجل حل المشكلات العلمية، يتكون المنهج التجريبي ومبني على اربعة اركان هم :
- الملاحظة.
- الفرضية.
- التجربة.
- النتيجة.
الفرضية العلمية هي نتيجة عن ملاحظة الباحث للظاهرة العلمية، بمثابة التقديم او التمهيد الذي يمكن الباحث العلمي من الوصول الي القانون او النتيجة الحاكمة للظاهرة والضابطة لها.
فرضية البحث بالإنجليزية “hypothesis” وهي عبارة عن الافكار الطارئة او المؤقتة يتم الاسترشاد بها في البحث العلمي قبل ان يشرع الباحث في تنفيذ تجربته العلمية، حلول مؤقتة للمشكلة لحين التأكد من صحتها من خلال اجراء التجارب والاستقراء من بعد الملاحظة العلمية.
يستخدم الباحث العلمي مقوماته الشخصية وقدرته على التفكير والاستقراء العقلي لكتابة الفرضيات في البحث العلمي القائم على إعداده ضمن الخطة الزمنية المحددة للبحث، ليس المقصود بالفرضية العلمية ان يضع الباحث فروض ما حول المشكلة، انما تلك الفرضيات حول الظاهرة جاءت في المنهج التجريبي الاستقرائي بعد الملاحظة العلمية، بالإضافة الى ان تلك الفرضيات يجب ان تتسم بالمنطقية والعقلية، لا يمكن ان تترك الفروض العلمية جزء من اجزاء المشكلة العلمية للبحث، الاستطاعة في التأكد من صحة الفرضيات البحثية من خلال التطبيق لبقية خطوات المنهج التجريبي الاستقرائي.
مصادر الفرضيات البحثية ليس عقل الباحث العلمي فقط، بل ان الاستطاعة على البحث في المصادر العلمية والدراسات السابقة هو المصدر الرئيس لصياغة الفرضيات في البحث العلمي.
هل الفرضية ضرورية في البحث العلمي؟
سبق ان تم التعريف في التقديم القول بأن الفرضية العلمية هي مكون رئيس من مكونات المنهج الاستقرائي التجريبي.
تأتي بعد الملاحظة العلمية بصفاتها المعروفة لتمثل حل مؤقت لمشكلة البحث.
جاءت آراء علماء المنهجيين في ما يخص كون الفرضية ضرورية في البحث العلمي على وجهين.
الاول مؤيد و يرى انه لا يجب ان يتم الفصل او ابعاد التجربة من خطوات المنهج التجريبي.
على الرغم من ان البعض الاخر رأي انها لن تفيد في اعداد البحث او حل المشكلة العلمية.
فيما يلي عرض وتوضيح لأقوال العلماء حول الفرضية في البحث العلمي:
رأي مؤيدين الفرضية في البحث العلمي
رأي الاول هو رأي العقليون اللذين يرون ان الفرضية في البحث العلمي.
هي خطوة اساسية ومكون رئيس من مكونات المنهج التجريبي.
بالإضافة الى كونها مرحلة تسبق التجربة، انتاج فكري عقلاني قبل البدء في تنفيذ التجربة.
يرى العقليون ان الاعتماد على العقل والمنطق هو الحاكم للفرضية العلمية.
حيث ان العقل هو صاحب الفضل في الكشف العلمي.
وليس الحوادث والحواس كما يرى التجريبيون.
من اشهر المؤيدين للقول بوجوب الفرضية في البحث العلمي هو العالم كلود برنارد .
الذي له المقولة التالية:
“ان الحادث يوحي بالفكرة، والفكرة تقود الى التجربة وتحكمها، والتجربة بدورها تحكم على الفكرة”.
كما يقول عن الفرضية “الفكرة هي مبدأ كل برهنة واختراع، واليها ترجع كل مبادرة”.
هنري بوانكاريه شارك برنارد في جعل الفرضية اساسية من اساسيات المنهج التجريبي .
حيث من المأخوذ من قوله في الفرضية العلمية وكونها مكون مهم للباحث وبحثه العلمي.
حيث يقول “ان التجريب بدون فكرة سابقة غير ممكن؛ لأنه سيجعل كل تجربة عميقة، ذلك لان الملاحظة الخاصة والتجربة الساذجة لا تكفيان لبناء العلم”، وقال ايضًا “كما ان كومة الحجارة ليست بيتًا، فكذلك تجميع الحوادث ليس علمًا”.
مناقشة الرأي الاول
كلود برنارد، و هنري بوانكاريه.
اشهر من دافع عن الفرضية العلمية وكونها من اهم اجزاء المنهج التجريبي.
قدم كل منهما الدليل على الفرضية واهميتها في البحث.
لا يجوز ان يخلو المنهج التجريبي من الفرضية العلمية ان توافرت بها الشروط الاساسية لذلك.
من اهم شروط الفرضية العلمية انها تكون على ترابط كلي بمشكلة الظاهرة العلمية.
تمثل حلول مؤقتة لحين التأكد من صحتها من خلال التجربة والتحكيم.
ان تكون منطقية وصادقة و واقعية.
العقل هو ما يبني الفكرة وينتجها من خلال ما تعلمه وكونه من ممارسات وافكار سابقة متعلقة بموضوع البحث ومشكلته (الظاهرة).
تبقي الفكرة فرضية لحين التأكد منها وتحكيمها.
رأي الرافضين للفرضية في البحث العلمي
يرى التجريبيون وهم انصار القول بان الفرضية ليست من اجزاء البحث العلمي بل انها مضلل له.
كون الخيال هو من يتدخل في رسم الحل لمشكلة البحث العلمي موضوع الدراسة.
وان هذا الخيال هو اكبر عقبات البحث العلمي التي تهدف في الاساس الى الوصول الي الحقيقة والحل الافضل للظاهرة العلمية.
الاستقراء وخطواته والانتقال من الجزئيات الى الكليات او الانتقال من الامثلة الى القوانين هو الاولى بالاتباع في البحث العلمي وليس الفرضية العلمية.
“فرانسيس بيكون، ماجندي”، هما من اشهر انصار المنهج التجريبي اللذين قالوا بان الفرضية العلمية ليست ضمن خطوات البحث التجريبي او التطبيقي شاركهم القول العالم التجريبي “جون ستيورد ميل”.
لقد قال جون ستيورد ميل في رفض الفرضية في البحث ” ان الطبيعة كتاب مفتوح.
ولإدراك القوانين التي تتحكم فيها ما عليك الا ان تطلق العوان لحواسك اما عقلك فلا”، لم يكتف “جون ستيورد ميل” بهذا فقط في دفاعه عن الحواس مقابل الفرضيات البحثية بل عمل على تكون طريقة بحثية تعتمد اعتماد كامل عن الحواس وتبع العقل والخيال بفرضياته عن البحث العلمي.
هي طريقة تساعد الباحث ومبنية على الاستقراء.
مناقشة الرأي الثاني
لا يمكن ابعاد عقل الباحث العلمي عن التجربة او البحث عن حل له.
هذا ما فعل عكسه “ستيورد ميل” واعتمد عليه في ما انتجه من طرق استقرائية تساعد الباحث في الوصول الي الحلول.
كيف يستطيع الباحث اثناء الدراسة ان يستغني عن عقليه وخبراته العلمية ويعتمد فقط على الملاحظة والحواس؟!!
الخلاصة في المناقشة الجدلية حول الفرضية في البحث العلمي
العقليون والتجريبيون هم من خلق ذلك الصراع بعد ان انسلخت المناهج العلمية من عبائة الفلسفة.
عمل المنطق والمنهج الرياضي ما عمله في تطوير المناهج والعلوم واعلائه من اهمية الفرضية العلمية.
يرى الفريق الاول من العقليين ان الفرضية جزء من البحث العلمي ومكون من مكونات المنهج التجريبي.
هذا اذا تم الحكم على الفرضيات العلمية مما قدمناه من شروط في أراء العقليين.
اما انصار المنهج التجريبي الرافض لكون التجربة او التخيل جزء يلي الملاحظة العلمية ينتصرون للحواس في مقابل العقل.
وقد كان هذا الرأي منافي للمنطقية العلمية على الرغم من مؤيديه.
لا ريب من استخدام الفرضية في البحث العلمي قبل البدء بالعمل على التجربة.
للوصول الى حلول للمشكلة البحثية اذا ما توافرت الشروط لدى الباحث للفرضية العلمية السليمة.