مهارات البحث العلمي
إن امتلاك مهارات البحث العلمي أمر أساسي لدى أي باحث علمي أو طالب دراسات العليا،
لأن امتلاك هذه المهارات يعتبر وسيلة أساسية لنجاح الدراسة العلمية وتحقيقها الاستنتاجات المنطقية السليمة.
في حين أن عدم امتلاك الباحث العلمي المهارات البحثية، يعني تجاهل العديد من القواعد والأسس الأساسية في الكتابة البحثية.
وهو ما سيضعف جودة الدراسة ويمنع وصولها إلى الاستنتاجات والحلول المنطقية السليمة، وبالتالي لن تصل تلك الدراسة إلى الأهداف التي تسعى إليها.
فالمهارات البحثية تعتبر من الأجزاء الحيوية في عملية الكتابة الأكاديمية، فهي تمكن مختلف الباحثين العلميين
من أن يصلوا إلى البيانات والمعلومات الرئيسية والتمكن من إنشاء الخطة التفصيلية للبحث أو الدراسة العلمية.
كما أنها من العوامل التي تسمح للباحث العلمي أن يكون أكثر قدرة على الكتابة في المجالات التي تحتاج إلى تغطيتها علمياً،
وذلك من خلال بحوث ودراسات علمية مهمة حديثة وأصيلة.
جدول المحتويات
مفهوم مهارات البحث العلمي
تتعدد التعريفات التي يمكن أن تطلق على مهارات البحث العلمي، ومنها انها الأدوات التي تستخدم والاستراتيجيات
التي تعتمد بهدف الوصول إلى البيانات والمعلومات البحثية المطلوبة والعمل على تقييمها.
كما يمكن أن نعرفها باستخدام الأدوات والوسائل البحثية التي تسمح باستنتاج الحقائق المثبتة والعمل على نقدها ثمّ تحليلها، واتخاذ القرارات المرتبطة بها.
كما يمكن تعريف المهارات البحثية إجرائياً بأنها القدرة على أن يحدد الباحث العلمي بشكل دقيق مشكلة أو ظاهرة العلمي،
وامتلاك المعارف والقدرات على جمع البيانات ودراستها وتحليلها بالشكل الذي يوصل إلى النتائج البحثية المرتبطة بالمجال العلمي للباحث.
مع العمل على المعالجة والتحليل والتفسير، وذلك عبر التصميم السليم للأدوات البحثية التي تسمح بجمع البيانات والمعلومات الدراسية من مصادرها الموثوقة علمياً.
كما أننا يمكن أن نشير إلى وجود العديد من المصطلحات العلمية التي يمكن أن تنسب إلى مهارات البحث العلمي،
ومنها على سبيل المثال دقة الملاحظة، الأمانة العلمية، تحديد مشكلة الدراسة، العمل الجماعي، تحديد نوعية البيانات المطلوبة والعمل على تحليلها.
وهي من المهارات التي تضم كذلك أساليب اختيار الطرق البحثية الملائمة بما يسمح بالحصول على البيانات والمعلومات
من مختلف مصادرها، مع العمل على دمجها وتنظيمها وترتيبها بشكل منطقي متسلسل ومترابط.
أهم تصنيفات مهارات البحث العلمي
تتعدد تصنيفات مهارات البحث العلمي التي اتفق العلماء المتخصصون عليها، ومن أشهر هذه التصنيفات نذكر ما يلي:
-
مهارات التفكير الناقد:
وهي من المهارات الرئيسية التي تسمح للباحث العلمي أو الطالب الذي يمتلكها أن يكون مبدعاً،
ولديه تفكير منطقي سليم، مع امتلاكه التغذية الراجعة، والتفكير التصوّري.
-
مهارات حل المشكلات:
وهي المهارات التي تسمح للباحث العلمي إجراء الدراسة وتحديد الإشكالية البحثية بالشكل السليم،
والعمل على تعريفها وجمع البيانات والمعلومات الخاصة بها، ودراستها وتحليلها بما يسمح بالوصول إلى الاستنتاجات المنطقية السليمة والحلول المبتكرة.
-
مهارات التحليل العلمي:
وهي من مهارات البحث العلمي التي تساعد على معالجة مختلف أشكال البيانات البحثية، ومنها على سبيل المثال الاختبارات الإحصائية والرسوم.
-
مهارات الاتصال:
وهي المهارات المرتبطة بالتواصل مع الآخرين بما يرتبط بأهداف الدراسات البحثية ونتائجها،
وهو ما يسمح بتطوير الدراسات ووصولها إلى النتائج المنطقية السليمة.
-
مهارات جمع المعلومات والبيانات:
وهي من المهارات الأساسية التي لها دور كبير في الحصول على المعلومات والبيانات البحثية المختلفة،
سواء كان الحصول مباشر أو غير مباشر كالحصول على المعلومات من الدراسات السابقة.
ومن أبرز الدراسات السابقة الكتب، والبحوث العلمية، الأوراق العلمية، إصدارات المجلات العلمية المحكمة
أو منشورات اللقاءات والمؤتمرات، وغيرها من المصادر التي يتم نقدها بشكل كامل بما في ذلك نقد مصادرها والعمل على تبادلها مع الآخرين.
-
مهارات إجراء مختلف الخطوات البحثية:
على الباحث العلمي أن يمتلك مهارات تنفيذ مختلف خطوات البحث العلمي التي تعتبر من أهم مهارات البحث العلمي،
فهي تسمح للباحث إجراء الخطوات المنطقية المنظمة بداية من اختيار الإشكالية أو الموضوع البحثي،
وصولاً إلى الاستنتاجات والحلول والتوصيات العلمية المناسبة.
-
مهارة إدارة الوقت:
إن الوقت الذي يمتلكه الباحث العلمي وبالخصوص طلاب الماجستير أو الدكتوراه يبقى محدوداً،
وهم ملزمون بتقديم دراساتهم البحثية خلال فترة محددة، وهو ما يستوجب الإدارة السليمة للوقت
بالشكل الذي يسمح تحقيق أهداف البحث العلمي خلال الفترة الزمنية المحددة.
وهو ما يستلزم من الباحث العلمي امتلاك مهارات البحث العلمي، وذلك يكون عبر وضع خطة يدير فيها وقت دراسته،
فيحدد الوقت الذي تحتاج إليه كامل الدراسة البحثية، والوقت الذي تحتاج إليه كل خطوة من خطوات البحث بشكل مستقل.
وهذه الإدارة تسمح لكل خطوة أن تأخذ ما تحتاجه من وقت دون إطالة، ودون أن تأخذ من وقت الخطوات الأخرى،
وهو ما يساعد على الوصول إلى الاستنتاجات والحلول البحثية خلال الوقت المخطط له،
دون الحاجة للاستعجال والتسرع الذي يسيء إلى الدراسة البحثية وقد يؤدي إلى نتائج واستنتاجات غير سليمة.
من أبرز الأمور التي تشملها مهارة إدارة الوقت نذكر: الجدولة، التفكير الاستراتيجي،
إنشاء المخططات المهمة، إدارة الإجهاد، المواعيد النهائية، وضع التوقعات الواقعية، استخدام الموارد.
أهم النصائح لتطوير مهارات البحث العلمي
هناك العديد من النصائح التي يمكن للباحث العلمي أو طالب الدراسات العليا
من خلال الالتزام بها أن يطور من مهارات البحث العلمي لديه، ومن أبرز هذه النصائح نذكر ما يلي:
-
الاطلاع الواسع العام ثم الأكثر تخصصاً:
إن العمل البحثي من المهام الشاقة التي تحتاج من الباحث العلمي أن يبذل الكثير من الجهود وأن يقضي وقت كبير في الدراسة والبحث.
والبداية حتماً تكون من خلال توسيع القاعدة المعرفية للباحث في مجاله العلمي عموماً، فهذا سيساعده على التطور والمعرفة في هذا المجال.
كما أن هذا الاطلاع يجب ان يكون متنوع يشمل مختلف المصادر بما فيها من بحوث ورسائل علمية أو أوراق علمية،
أو غيرها من دراسات سابقة وهو عامل مساعد للتعرف على كيفية إجراء البحوث بمختلف خطواتها.
وبعد الاطلاع الواسع يتم تحديد المصادر أكثر بحيث يتم توجيهها نحو الإشكالية البحثية التي يريد الباحث العلمي القيام بها،
وفي الخطوة الثالثة يأتي الاختيار للمصادر الأكثر ارتباطاً بمشكلة أو ظاهرة البحث العلمي يتم التوسع بها بما يسمح بالاستفادة المثلى في الدراسات العلمية.
وتبقى منشورات المجلات العلمية المحكمة المعتمدة والموثوقة من أهم المصادر التي يمكن الاعتماد عليها،
لمصداقية منشوراتها وأهميتها وحداثتها ومتابعتها الدائمة لتطور المجالات العلمية المختلفة.
-
تأكد من موثوقية وسلامة المصادر البحثية المعتمدة:
من المهم للغاية على أي باحث علمي أو طالب دراسات عليا وقبل الاعتماد على أي مصدر أو مرجع لدراسته البحثية، التأكد من مدى جودته ومصداقيته.
فهناك نسبة كثيرة من المصادر وخصوصاً المتواجدة على شبكة الانترنت لا يمكن اعتبارها من المصادر الموثوقة التي يمكن الاعتماد عليها في الدراسة العلمية.
وهنا تظهر إحدى أبرز مهارات البحث العلمي التي تحتاج من الطالب أو الباحث العلمي امتلاك مهارة التمييز بين المصادر المهمة والمصادر الضعيفة،
وذلك عبر استخدام مهارات التفكير النقدي والمهارات التحليلية التي اطلعنا عليها مسبقاً، والتي تسمح للطالب أو الباحث العلمي أن يحدد جودة المصدر.
ومن الأسئلة التي يمكن طرحها لتحديد جودة المصدر من خلال الإجابة عليها نذكر ما يلي:
هل البيانات والمعلومات التي يحتويها المصدر المستهدف متفقة بصورة عامة مع البيانات والمعلومات التي تحتويها مصادر أخرى تناولت مواضيع مشابهة؟
هل الباحث العلمي الذي قام بتأليف المصدر من الأشخاص المعروفين بمصداقيتهم وخبرتهم في المجال العلمي الذي ينتمون إليه؟
هل يظهر أن الباحث العلمي مؤلف المظهر موضوعي وحيادي في دراسته العلمية؟ أم أنه منحاز بشكل شخصي نحو ميوله وأهوائه؟
هل الجهة الناشرة للمصدر من الجهات العلمية الاكاديمية المعروفة بمصداقيتها وحرصها على النشر العلمي الأكاديمي السليم؟
على الباحث العلمي الحرص على التأكد من مصداقية البيانات والمعلومات التي اعتمد عليها،
وأن يعمل على التأكد من موثوقيتها من دراسات ومصادر أخرى.
وهذا الأمر ضروري للغاية وبالخصوص مع المصادر المستمدة من المواقع الإلكترونية،
لأن الكثير منها وبكل أسف لا يفرض الشروط والرقابة اللازمة على القضايا والموضوعات المنشورة،
مما يجعلها غير صالحة لأن تكون من المراجع الدراسية المعتمدة.
-
على الباحث العلمي الانفتاح على النتائج المثبتة:
إن البحث العلمي عبارة عن مشوار دراسي شاق وطويل لكنه ممتع في الوقت ذاته،
وهو يتطلب الحيادية والموضوعية وتجنب العشوائية والأهواء والميول الشخصية.
وهذا ما قد يوصل الباحث العلمي إلى استنتاجات وحلول وإجابات لم يكن يتوقعها قبل العمل البحثي،
وقد يصل الباحث العلمي إلى استنتاجات تتعارض مع الفرضيات البحثية التي كان يتوقعها.
وما يمكن اعتباره من ضمن مهارات البحث العلمي أن يكون الباحث العلمي أو طالب الدراسات العليا
منفتح على جميع الإجابات او الاستنتاجات والحلول المثبتة التي وصلت إليها الدراسة،
حتى إن كانت غير متوقعة ومفاجئة ولا تتوافق مع ميول ورغبات وتوقعات الباحث العلمي.
وتبقى هذه المهارة من المهارات الصعبة التطبيق لتعارضها مع رغبات ومصالح الباحث العلمي
أو طالب الدراسات العليا، وهي تحتاج إلى خبرات عالية وإلى امتلاك أخلاقيات البحث العلمي
التي تدفعه لعرض الأمور جميعها بما فيها الغير متوافق مع مصالحه أو رغباته.
-
العمل الأكاديمي المنظم طوال المشوار البحثي:
إن العمل البحثي لا يمكن أن ينجح مع العشوائية فهو يحتاج إلى تنظيم مع الاعتماد على المراحل والخطوات المتسلسلة والمتناسقة،
مع ضرورة أن تتسم كل خطوة من هذه الخطوات بالتنظيم والمنهجية العلمية.
فعلى سبيل المثال من المفترض أن يعتمد الباحث العلمي في مرحلة جمع المعلومات على المنهجية والتنظيم فالمصادر بأحجام هائلة في مختلف التخصصات.
وهو ما يستلزم العمل المنظم للوصول إلى المعلومات والبيانات الموثوقة والحديثة المرتبطة بشكل وثيق بالدراسة العلمية،
ومن ثمّ التوجه إلى أكثرها ارتباطاً بها، بالشكل الذي يساهم في إغناء وإثراء البحث العلمي ووصوله إلى الاستنتاجات المنطقية.
وبالإضافة إلى كل ذلك فمن الضروري أن يتم التوثيق المنهجي المنظم لمصادر ومراجع البحث العلمي
بالشكل الذي يساعد على عدم نسيان أي معلومة، وعدم تجاهل توثيقها.
وهنا نشير إلى أن تنظيم العمل البحثي له العديد من العوامل والأساليب التي تساعد على ذلك،
ومنها على سبيل المثال لا الحصر بطاقات الفهرسة، استخدام الإشارات المرجعية بمتصفح الانترنت، قائمة المراجع الخارجية.
-
امتلاك مهارة تحديد أهداف الدراسة:
إن الأهداف البحثية تشير إلى الغايات التي تسعى الدراسة للوصول إليها،
وهو أمر يحتاج من الباحث العلمي امتلاك مهارات خاصة تسمح له امتلاك مهارات تحديد الأهداف
مع ما تحتاج إليه من واقعية، ورؤية، وإدارة سليمة للوقت، مع تخطيط وتنظيم سليم.
-
الحرص على إجراء عمليات التخطيط والجدولة:
إن العمل البحثي من الأعمال الأكاديمية التي تحتاج إلى شروط وإجراءات معينة أثناء العمل البحث،
وهو ما يستوجب من الباحث العلمي أو طالب الدراسات العليا أن يسعى بجد لأن يعمل بشكل منظم
يتضمن خريطة تفصيلية لمختلف الجوانب التي ستتناولها الدراسية البحثية، وهو ما يمكن أن يسمح بالوصول إلى نتائج منطقية سليمة ومنظمة.
ومن خلال التنظيم والجدولة يستطيع الباحث العلمي أن يدير وقته بشكل أكثر سهولة،
علماً أن هذه العلمية تحتاج من الباحث او طالب الدراسات أن يتمكن من تحديد الأهداف،
أو تحديد المهام، والعمل على ترتيب الأولويات، مع الوضوح والرؤية مع إدارة الوقت.
وبذلك نكون قد اطلعنا على مفهوم مهارات البحث العلمي، وتعرفنا ما هي أهم التصنيفات الخاصة بمختلف المهارات بالبحث العلمي،
وأبرزها مهارات الاتصال، ومهارات التفكير الناقد، و مهارة إدارة الوقت، ومهارة حل المشكلات،
ومهارات إجراء مختلف الخطوات البحثية، ومهارات جمع المعلومات والبيانات، ومهارات التحليل العلمي.
وبالإضافة إلى كل ذلك فقد ألقينا الضوء بشكل موسع على مجموعة من أهم النصائح لتطوير مهارات البحث العلمي،
سائلين الله تعالى أن نكون قد وفقنا بعرض كل ما هو مفيد للباحثين العلميين وطلاب الدراسات العليا الأعزاء.
المصادر:
مهارات البحث العلمي، 2022، مبتعث للدراسات والاستشارات الأكاديمية