نظرة في تاريخ البحث العلمي في كل من العصور القديمة الوسطى والحديثة

نظرة في تاريخ البحث العلمي في كل من العصور القديمة الوسطى والحديثة

نظرة في تاريخ البحث العلمي في كل من العصور القديمة الوسطى والحديثة

قد استغرق تطور تاريخ البحث العلمي وأسس التفكير عدة قرون في تاريخ البشرية، حيث تعتبر مصر القديمة والإغريق هما أول من أسس هذا النوع من البحث والتفكير بالشكل التجريدي والعملي.

تبعهم بخطى واسعة العرب حين إستخدموا الملاحظة والتجربة كأحد أدوات البحث العلمي وبذلك هم أول من نهج المنهج التجريبيفي تقصي الحقائق والبحث عنها مما ساهم بتقدم علمي ملحوظ، وحين ابتدأ العصر الحديث أو ما يسمى بعصر النهضة نقلت الدول الأوروبية التراث الفكري والعلمي العربي على يد عدة من العلماء مثل جون ستيورات، ميل كلود وفرانسيس بيكون وغيرهم.

تاريخ البحث العلمي
تاريخ البحث العلمي

1- تاريخ البحث العلمي في العصور القديمة:

العصور القديمة هي الفترات الزمنية التي عاش بها كل من المصريين القدماء واليونان والبابليون والرومان.

بتلك الحقبة إمتاز تفكير المصريين القدماء بأخذه منحى عمليا وتطبيقيا وذلك بغية تحقيق مصالح وغايات نفعية.

فقد برع المصريون القدماء بالهندسة والحساب والتحنيط والطب والزراعة والفلك.

حيث اخترعوا المساحة Surveying لاستعادة الحدود اللازمة والصحيحة بعد الفيضان الدوري السنوي لنهر النيل.

وقد سجلوا الكثير من علومهم ومعارفهم على أوراق النباتات كالبردى وإستعانوا بالأحجارللكتابة باللغة الهيروغليفية عليها لتدوين علومهم ومعارفهم أيضا.

وقد قام المؤرخ الشهير هيرودوت بنقل وتدوين الأبحاث التي أجراها ملوك مصر عن  اقتصاد الدولة والتي شملت السكان والثروة.

أما الحضارة الإغريقية قديما فقد كان إعتمادها على التأمل والنظرة المجردة للعقل وبذلك فإن فلسفة الإغريق عبرت عن روح العصر القديم وطبيعة المجتمع الذي عاش فيه.

وبذلك فقد أحرزوا تقدما بارزا في أسس البحث.

وقد وضع أرسطو فيما يتعلق بمناهج البحث وأسس التفكير عدة قواعد تشمل المنهج القياسي والإستدلال.

وبالرغم من محاولة أرسطو دمج التجريب والملاحظة ضمن قواعده إلا أن الطابع التأملي كان طاغيا على تفكيره.

استعان الإغريق باكتشافات المصريين القدماء والبابليين السابقة ضمن بنائهم العلمي ثم تشعبوا ضمن عدة مجالات كالطب والفلك والفيزياء والهندسة والجغرافيا للتوصل لحقائق علمية جديدة إضافة إلى اهتمامهم بدراسة الأخلاق والآداب.

2- تاريخ البحث العلمي في العصور الوسيطة:

تمتد العصور الوسيطة من القرن الثامن وحتى القرن السادس عشر ميلاديا والذي إزدهرت الحضارة الإسلامية العربية خلاله وتبعتها أوروبا ضمن عصر النهضة.

ومما لا شك أن الحضارة الإنسانية ما هي إلا عقدا متصلا حلقاته.

فقد نقلت الحضارة  العربية الحضارة الإغريقية بعدما أضافوا عليها بصمتهم الخاصة من علوم وفنون عديدة إمتازت بالأصالة العلمية وبذلك فقد شكلت الحضارة العربية الإسلامية حلقة الوصل ما بين الحضارات السابقة وحضارة أوروبا التي ظهرت في عصر النهضة.

اتسم منهج البحث بالحضارة العربية الإسلامية بشموله الملاحظة والتجريب.

فلم يقتصر على الحدود الصورية كما في منطق أرسطو.

وبذلك فقد عارض العرب المنهج القياسي واعتمدوا على الملاحظة والتجريب العلمي والإستقراء باستخدام أدوات القياس بغية الوصول للنتائج العملية.

ومن أبرز علماء تلك الحقبة الذين إتبعوا المنهج التجريبي في البحث العلمي جابر بن حيان، الحسن بن هيثم، محمد بن موسى الخوارزمي، إبن سينا، أبو بكر الرازي، والبيروني وغيرهم كثر.

تاريخ البحث العلمي
تاريخ البحث العلمي

العصور الوسطى 

والجدير بالذكر كتاب الخوارزمي (الجبر والمقابلة) الذي إعتمد في كتابته على جبر برهما الهندي .

وإستعان أيضا ببعض البراهين التي قام بها الإغريق على طريقتهم الخاصة من خلال تمثيل الأعداد بواسطة الخطوط.

حيث قام علم الجبر في العصور الوسطى على كتاب الخوارزمي آنف الذكرحيث أدخل الخوارزمي النظام العشري في أوروبا.

ومن المعروف أن دراسة الكيمياء قد بدأت عند العرب وانتقلت المعارف الكيميائية بعدها إلى أوروبا فيما يعرف بعصر النهضة.

ويعد تحويل المعادن المختلفة إلى ذهب أبرز ما اهتم به العرب قديما ضمن علم الكيمياء.

لقد أسهم العرب بانتاجهم العلمي من خلال إصطناع منهج جديد والذي عرف بالإستقراء حيث بني على اتخاذ :

الملاحظة والتجريب أساس البحوث العلمية بإعادة قولبة الحضارات السابقة كالحضارة الإغريقيو والهندية ونقلها إلى حضارة الدول الأوروبية مطلع عصر النهضة.

فقد شكل الإطلاع على الحضارة العربية نقطة إنطلاق الحضارة الأوروبية وإزدهارها.

ومن أبرز علماء أوروبا الذين أسسوا قواعد البحث العلمي وأسس التفكير روجر بيكون وليوناردي فيننشي حيث طالبوا بإدخال الملاحظة والتجريب كأحد أدوات القياس ضمن مناهج البحث العلمي للوصول إلى الحقائق والنتائج بدل منهج أرسطو ضمن القياس المنطقي.

3- تاريخ البحث العلمي في العصر الحديث:

اكتملت دعائم التفكير وأسس البحث العلمي في أوروبا من القرن السابع عشر إلى العصر الحالي وأطلق على هذه الفترة من الزمن بالعصر الحديث.

تعتبرتجارب جاليليو الفيزيائية مطلع القرن السابع عشر أساس أساس مسيرة البحث العلمي.

حيث اتسم القرن السابع عشر بإزدهار التجارب العلمية وكان مفعما بالبحوث العلمية والذي إكتشف فيه العالم نابير اللوغاريتم.

واستكمل هارفي عمل إبن النفيس باكتشاف الدورة الدموية.

وانتشر نظام الرموز العشرية على يد بريجز.

وانتشرت نظريات فرانسيس حين نشر مؤلفه ( الأداة الجديدة للعلوم) حيث فصل من خلاله قواعد المنهج التجريبي.

وقد تبنى بويل علم الكيمياء ولقب بأبي الكيمياء الحديث.

و ظهرت قوانين الجاذبية التي أثارت علم الرياضيات على يد نيوتن.

أما ما يتعلق بمنهج البحوث العلمية التجريبية التي برزت ذاك العصر فقد أوجزهما بيكون بمرحلتين اثنين للبحث العلمي عبرت الأولى عن التجريب والثانية عن تسجيل وتدوين التجربة.

شملت مرحلة التجريب عدة جوانب أهمها:

  • – تنويع التجربة : تشمل تنويع الباحث إما في المواد التي تنتج عنها الظواهر الطبيعية أو الظروف التي تمر التجربة عبرها وذلك لاكتشاف خصائص جديدة لطبائع الأشياء.
  • – إطالة التجربة : وذلك من خلال تعريض المتأثر وجعله تحت تأثير المؤثر لفترة محددة طويلة نوعا ما لتحديد ما إذا كان يغير في طبيعة المتأثر أوينجم ذلك عن إنتاج ظواهر جديدة.
  • – نقلة التجربة : ويعني ذلك نقل الباحث ما طبقه من إرشادات وتعليمات في تجربة معينة وتطبيقها على تجارب أخرى ضمن فروع متنوعة من العلوم.

ومن ضمن العلوم التي إزدهرت ضمن العصر الحديث العلوم الجيولوجية والبيولوجية وشكلت ميادين جديدة للبحث والدراسة.

وقد أسهم كل من ليل وداروين في بدأ دراسة علم الآثار من خلال تغيير الصورة النمطية عن العالم الطبيعي.

ونجم عن اكتشاف الحفريات على يد شليمان خلال القرن التاسع عشر.

وتم إستحداث مجالات جديدة كالعلاقات الاجتماعية والنظم الاقتصادية وأسس التعليم.

وكان نمو التكنولوجيا الملحوظ نتيجة للإنفجار المعرفي وإستخدام البحوث العلمية.

حيث يشكل كل ما حولنا من تقدم ملموس بنمط الحياة نتائج البحث العلمي.

 

 

Share this post


تواصل معنا الآن